ويكون التبرك شركا أصغر: إذا كان يتخذ هذا التبرك بنثر التراب عليه، أو إلصاق الجسم به، أو التبرك بعين ونحوها، أسبابا لحصول البركة بدون اعتقاد أنها توصل وتقرب إلى الله، يعني: أنه جعلها أسبابا فقط، كما يفعل لابس التميمة، أو الحلقة، أو الخيط؛ فكذلك هذا المتبرك، يجعل تلك الأشياء أسبابا فإذا أخذ - من هذه حاله - تراب القبر، ونثره عليه لاعتقاده أن هذا التراب مبارك، وإذا لامس جسمه فإن جسمه يتبارك به أي: من جهة السببية: فهذا شرك أصغر؛ لأنه لا يكون عبادة لغير الله - جل وعلا - وإنما اعتقد ما ليس سببا مأذونا به شرعا: سببا.
وأما إذا تمسح بها كما هي الحال الأولى وتمرغ والتصق بها، لتوصله إلى الله - جل وعلا -، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة؛ ولهذا قال الشيخ سليمان كما تقدم: إن كان التبرك شركا أكبر: فظاهر في الاستدلال بالآية وإن كان شركا أصغر: فالسلف يستدلون بما نزل في الأكبر على ما يريدون من الاستدلال، في مسائل الشرك الأصغر.
قوله: وقول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}[النجم: ١٩ - ٢٠][النجم: ١٩ - ٢٠] سبق بيان أن همزة الاستفهام، إذا أتى بعدها فاء: فإنه يكون بينها وبين الفاء جملة دل عليها السياق، فمن أول سورة النجم إلى هذا الموضع يدل على المحذوف.