وجه الدلالة من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم يبين فضل الاستعاذة بكلمات الله فقال: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» وجعل المستعاذ منه: المخلوقات الشريرة والمستعاذ به هو: كلمات الله وقد استدل أهل العلم لما ناظروا المعتزلة، وردوا عليهم بهذا الحديث، على أن كلمات الله ليست بمخلوقة، قالوا: لأن المخلوق لا يستعاذ به، والاستعاذة به شرك، كما قاله الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة. فوجه الدلالة من الحديث: إجماع أهل السنة على الاستدلال به على أن الاستعاذة بالمخلوق شرك، وأنه ما أمر بالاستعاذة بكلمات الله إلا لأن كلمات الله - جل وعلا - ليست بمخلوقة.
قال:«من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» : المقصود بـ " كلمات الله التامات " هنا الكلمات الكونية التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وهي المقصودة بقوله جل وعلا:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي}[الكهف: ١٠٩][الكهف: ١٠٩] وبقوله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}[لقمان: ٢٧][لقمان: ٢٧] وقوله {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}[الأنعام: ١١٥][الأنعام: ١١٥] وفي القراءة الأخرى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}[الأنعام: ١١٥][الأنعام: ١١٥] فهذه الآية في الكلمات الشرعية، وكذلك في الكلمات الكونية.
إذًا: فقوله: «أعوذ بكلمات الله التامات» يعني: الكلمات الكونية.