الحمد لله الذي بعث عباده المرسلين بتوحيده، وأقام بهم الحجة على عبيده، فاتفقوا أولهم وآخرهم على توحيده وتفريده، ونبذ الشرك وتنديده، وأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون من سواه، وعبادة غيره - كائنا من كان - باطلة؛ فإنه ما عُبد غير الله إلا بالبغي، والظلم، والعدوان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تأكيدا بعد تأكيد؛ لبيان مقام التوحيد، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، أما بعد: -
فهذا الكتاب - كتاب التوحيد - من مؤلفات الإمام المصلح المجدد شيخ الإسلام والمسلمين، محمد بن عبد الوهاب، وهو- رحمه الله- غني عن التعريف؛ لما جعل الله - جل وعلا - لدعوته من أثر ظاهر النفع في جميع أنحاء الأرض: شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، ولا غرو في ذلك فإن دعوته- رحمه الله- إحياء لدعوة محمد بن عبد الله - عليه أفضل الصلاة والسلام-.
وكتاب التوحيد- الذي نحن بصدد شرحه - كتاب عظيم جدا، أجمع علماء التوحيد، على أنه لم يصنف في الإسلام في موضوعه مثله، فهو كتاب وحيد وفريد في بابه، لم ينسج على منواله مثله؛ لأن المؤلف - رحمه الله - طرق في هذا الكتاب مسائل توحيد العبادة، وما يضاد ذلك التوحيد، من أصله، أو يضاد كماله، فامتاز الكتاب بسياق أبواب توحيد العبادة