بطلب تفريج الكربات، وطلب إغاثة اللهفان، وطلب إنجاح الحاجات، وسؤال ما يحتاجه الناس، إن من أعظم الحجة عليهم أن تحتج عليهم بتوحيد الربوبية على ما ينكرونه من توحيد الإلهية، وقد زاد شرك المشركين في هذه الأزمنة، على شرك مشركي الجاهلية - كما قال الشيخ - رحمه الله - في القواعد الأربعة فنسبوا إليهم شيئا من الربوبية، فهم لم يجعلوا توحيد الربوبية - أيضا - خالصا.
وهذا نوع من البراهين عظيم، ينبغي أن تتوسع في دلائله، وأن تعلم حجته من القرآن؛ لأن القرآن كثيرا ما يحتج بهذا البرهان - وهو توحيد الربوبية - على ما ينكره المشركون من توحيد الإلهية.
ومن ذلك ما ساقه الشيخ - رحمه الله - في هذا الباب وهو قوله: " باب قول الله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ}[الأعراف: ١٩١] فهذا إنكار وتوبيخ لهم، كيف يشركون الذي لا يخلق شيئا وهم يخلقون؟ مع أن خالقهم هو الله - عز وجل، بل هو الذي خلق من عبد، وهو الذي خلق العابد أيضا، فالذي يستحق العبادة وحده دون وما سواه إنما هو الله ذو الجلال والإكرام.
ثم بين حقيقة هذه الآلهة وعجزها فقال:{وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا}[الأعراف: ١٩٢][الأعراف: ١٩١ - ١٩٢] : لأن النصر في الحقيقة، إنما هو من عند الله - جل وعلا، ولو أراد الله أن يمنع نصر الناصر لمنعه.