للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

فإذا كان كذلك: فإن الكامل في صفاته هو المستحق للعبادة، وأما البشر المخلوقون فإنهم ناقصون في صفاتهم، ويعلمون أن حياتهم ليست حياة كاملة، فحيث عرض لها عرض من موت، أو مرض، أو غيرهما، فإنها تضعف بذلك، وتعجز عن أن تعمل شيئا، وربما تهلك، فحقيقة الأمر: أن البشر ضعاف فقراء، محتاجون، ليست لهم صفات الكمال، وهذا دليل عجزهم، ونقصهم، وأنهم مربوبون، مقهورون.

ولهذا يجب على العباد أن يتوجهوا بالعبادة إلى من له صفات الكمال، ونعوت الجمال، والجلال: وهو الله جل وعلا وحده سبحانه وتعالى. فهذا المراد بهذا الباب وهو ظاهر بحمد الله تعالى.

هذا الباب هو باب الشفاعة، وإيراد هذا الباب بعد البابين قبله مناسب جدا؛ ذلك أن الذين يسألون النبي عليه الصلاة والسلام ويستغيثون به ويطلبون منه، أو يسألون غيره من الأولياء أو الأنبياء إذا أقيمت عليهم الحجة بما ذكر من توحيد الربوبية، قالوا: نحن نعتقد ذلك، ولكن هؤلاء الشفعاء مقربون عند الله معظمون، قد رفعهم الله - جل وعلا - عنده، ولهم الجاه عند الرب جل وعلا، وإذا كانوا كذلك فهم يشفعون عند الله، فمن توجه إليهم أرضوه بالشفاعة؛ لأنهم ممن رفعهم الله، ولهذا يقبل شفاعاتهم.

فكأن الشيخ - رحمه الله - رأى حال المشركين والخرافيين واستحضر حججهم. وهو كذلك؛ إذ هو أخبر أهل هذه العصور المتأخرة بحجج المشركين.

فلما استحضر ذلك عقد باب الشفاعة ليحاججهم، فهذا باب الشفاعة. والشفاعة في الأصل: مأخوذة من (الشفع) ، والشفع هو: الزوج؛ لأن الشافع طالب؛ فصار مع صاحب الطلب الأصلي شفعا، فإذا أراد أحد من

<<  <   >  >>