قوله عز وجل:{وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ}[الأنعام: ٥١][الأنعام: ٥١] والشفاعة الواردة هنا هي: الشفاعة المنفية، وقد نفاها الله عن جميع الخلق، بما في ذلك الذين يخافون وهم أهل التوحيد، كما نفاها عن غيرهم. أما عن أهل التوحيد فهي منفية عنهم إلا بشروط، وهي: إذن الله للشافع أن يشفع، ورضاه - جل وعلا - عن الشافع وعن المشفوع له.
فقوله هنا:{لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ}[الأنعام: ٥١] يعني: أن الشفيع في الحقيقة هو الله - جل جلاله - دون ما سواه؛ ولهذا عقبها بالآية الأخرى، فقال:{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}[الزمر: ٤٤][الزمر: ٤٤] فالشفاعة جميعا ملك لله، وأهل الإيمان وغيرهم - في الحقيقة - ليس لهم من دون الله ولي ولا شفيع، فليس من أحد يشفع لهم من دون الله - جل وعلا - بل لا بد أن تكون الشفاعة بالله؛ يعني: بإذنه وبرضاه.
فإذا تقرر ذلك وأن الشفاعة منفية عن أحد سوى الله - تعالى - لأنه هو الذي يملك الشفاعة وحده، بطل تعلق قلوب المشركين الذين يسألون الموتى الشفاعة، بمسألة الشفاعة؛ لأن الشفاعة ملك لله، وهذا المدعو لا يملكها.
لكن هل تنفع الشفاعة مطلقا أم لا بد لها أيضا من قيود؟ ! نعم: الشفاعة تنفع لكن لا بد لها من شروط؛ ولهذا أورد الآيتين بعدها وهما قوله جل وعلا:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة: ٢٥٥][البقرة: ٢٥٥] ، وقوله: