والإلهام، ومعناها: أن الله - جل وعلا - يجعل في قلب العبد من الإعانة الخاصة على قبول الهدى، ما لا يجعله لغيره. فالتوفيق إعانة خاصة لمن أراد الله توفيقه؛ بحيث يقبل الهدى ويسعى فيه. فجعل هذا في القلوب ليس إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء، حتى إن أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع - عليه الصلاة والسلام - أن يجعله مسلما مهتديا، وقد كان أبو طالب من أنفع قرابة النبي صلى الله عليه وسلم له، ومع ذلك لم يستطع أن يهديه هداية توفيق. فالمنفي هنا في قوله:[تهدي] هي هداية التوفيق.
والنوع الثاني من الهداية المتعلقة بالمكلف هي: هداية الدلالة والإرشاد، وهذه ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم بخصوصه، ولكل داع إلى الله، ولكل نبي ورسول، قال جل وعلا:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}[الرعد: ٧][الرعد: ٧] ، وقال - جل وعلا - في نبيه عليه الصلاة والسلام:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ - صِرَاطِ اللَّهِ}[الشورى: ٥٢ - ٥٣][الشورى: ٥٢ - ٥٣] ، ومعنى [لتهدي] أي: لتدل وترشد إلى صراط مستقيم بأبلغ أنواع الدلالة، وأبلغ أنواع الإرشاد، المؤيدين بالمعجزات والبراهين الدالة على صدق ذلك الهادي، وصدق ذلك المرشد.
فالهداية المنتفية - إذا - هي: هداية التوفيق، وهذا يعني: أن النفع، وطلب النفع في هذه المطالب المهمة يجب أن يكون من الله جل وعلا، ومحمد - عليه الصلاة والسلام - مع عظم شأنه عند ربه، وعظم مقامه عند ربه، وأنه سيد ولد آدم، وأفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، وأشرف الأنبياء والمرسلين: إلا أنه لا يملك من الأمر شيئا عليه الصلاة والسلام.