للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

الله- جل وعلا- به فهؤلاء اتخذوهم طواغيت؛ لأنهم جاوزوا بهم حدهم. فهذا الشرح لمعنى ما ذكره الإمام ابن القيم -رحمه الله- من تعريف الطاغوت.

وقوله في الآية المتقدمة. (الطاغوت) يدخل فيه كل هذه الأنواع، أي الذين عبدوا، والذين اتبعوا، والذي أطيعوا.

ووجه مناسبة هذه الآية للباب، أن الإيمان بالجبت والطاغوت، حصل ووقع من الذين أوتوا نصيبا من الكتاب، من اليهود والنصارى، وإذا كان قد وقع منهم، فسيقع في هذه الأمة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر أن ما وقع في الأمم قبلنا سيقع في هذه الأمة، كما قال في حديث أبي سعيد الآتي: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» فمثل بشيء صغير، وهو دخول جحر الضب- الذي لا يمكن أن يفعل- تنبيها على أن ما هو أعلى من ذلك سيقع من هذه الأمة، كما وقع من الأمم قبلنا. وقد حصل- كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فإن من هذه الأمة من آمن بالسحر، ومنهم من آمن بعبادة غير الله، ومنهم من أطاع العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، فكانوا بذلك متبعين سنن من كان قبلهم، وحصل منهم إيمان بالجبت والطاغوت كما حصل من الأمم قبلهم.

" وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة: ٦٠] [المائدة: ٦٠] على هذه القراءة (عبد الطاغوت) يكون الطاغوت مفعول (عبد) ، و (عبد) فعلا معطوفا على قوله: (لعن) ، كأنه قال بتقديم وتأخير: من

<<  <   >  >>