{لَمَنِ اشْتَرَاهُ}[البقرة: ١٠٢] يعني: اشترى السحر، والاشتراء: أن يأخذ شيئا ويدفع عوضه، فحقيقة الشراء أن تشتري سلعة مثلا وتدفع ثمنها، فتأخذ مثمنا وتدفع ثمنه. والساحر ومن تعلم السحر اشترى السحر. أي: أخذ السحر، وبذل توحيده عوضا، فالثمن هو التوحيد، والإيمان بالله وحده، والمثمن هو السحر؛ ولهذا قال- جل وعلا- هنا:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ}[البقرة: ١٠٢] يعني: من دفع دينه عوضا عن ذلك الشيء الذي أخذه وهو السحر {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}[البقرة: ١٠٢] يعني: من نصيب، وهكذا المشرك ليس له في الآخرة من نصيب، فوجه الاستدلال ظاهر في أن الساحر قد جعل دينه عوضا عن ذلك الذي اشتراه وتعلمه وعمل به.
" وقوله: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}[النساء: ٥١][النساء: ٥١] قال عمر: الجبت السحر " وهذا في ذم أهل الكتاب، فإن أهل الكتاب لما آمنوا بالسحر ذمهم الله- جل وعلا- ولعنهم وغضب عليهم، لأنه يكثر السحر واستعماله فيهم؛ فذمهم الله- جل وعلا- بسبب ذلك، وإذا كان الله ذمهم ولعنهم وغضب عليهم لأجل ذلك، فهذا يفيد أنه من المحرمات ومن الكبائر، وإذا كان فيه إشراك بالله- جل وعلا- فظاهر أنه شرك بالله- جل وعلا-.
قوله:" والطاغوت: الشيطان " يعني: أن الجبت اسم عام يشمل أشياء كثيرة- كما تقدم- ومن أبرزها وأظهرها عند اليهود السحر، فيؤمنون بالجبت يعني بالسحر؛ لأنه هو أظهر الأشياء عندهم، ويؤمنون بالطاغوت يعني بالشيطان، وهو كل ما توجهوا إليه بالطاعة، وبعد عن الحق، وعن الصواب.