قال:«يا رب، كل عبادك يقولون هذا؟ قال: يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري» : يعني ومن في السماوات السبع من الملائكة ومن عباد الله - جل وعلا -.
«والأرضين السبع في كفة» : يعني لو تمثلت السماوات والأرضون أجساما، ووضع الجميع في ميزان له كفتان، وجاءت (لا إله إلا الله) في الكفة الأخرى لمالت بهن (لا إله إلا الله) . فـ (لا إله إلا الله) كلمة توحيد فيها ثقل لميزان من قالها، وعظم في الفضل لمن اعتقدها وما دلت عليه فلهذا قال:«مالت بهن لا إله إلا الله» .
ووجه الدلالة: أنه لو تصور أن ذنوب العبد بلغت ثقل السماوات السبع، وثقل ما فيها من العباد والملائكة وثقل الأرض لكانت (لا إله إلا الله) مائلة بذلك الثقل من الذنوب، وهذا هو الذي دل عليه حديث البطاقة حيث جُعِل على أحد العصاة سجلات عظيمة، فقيل له: هل لك من عمل؟ فقال: لا، فقيل له: بلى، ثم أخرجت له بطاقة فيها (لا إله إلا الله) ، فوضعت في الكفة الأخرى، فطاشت سجلات الذنوب، وثقلت البطاقة، (١) وهذا الفضل العظيم لكلمة التوحيد، إنما هو لمن قويت في قلبه، ذلك أنها في قلب بعض العباد تكون قوية؛ لأنه مخلص فيها مصدق، لا ريب عنده فيما دلت عليه، معتقد ما فيها، محب لما دلت عليه، فيقوى أثرها ونورها في القلب فإذا كانت كذلك: فإنها تحرق ما يقابلها من الذنوب، وأما من لم يكن من أهل تمام الإخلاص فيها، فإنه لا تطيش له سجلات الذنوب، فيكون هذا الحديث
(١) أخرجه أحمد (٢ / ٢١٣) والترمذي (٦٣٩) وقال: حديث حسن.