يكون إلا بشرك، والذي يأتي الساحر ويطلب منه حل السحر، فقد رضي قوله وعمله، ورضي أن يعمل به ذاك، ورضي أن يشرك ذاك بالله لأجل منفعته، وهذا غير جائز.
فتحصل من هذا أن السحر- نشرا ووقوعا- لا يكون إلا بالشرك الأكبر بالله - جل وعلا-، وعليه فلا يجوز أن يحل لا من جهة الضرورة، ولا من جهة غير الضرورة من باب أولى بسحر مثله، بل يحل وينشر بالرقى الشرعية.
هذا " باب ما جاء في التطير " سبق بيان أن الطيرة من أنواع السحر، ولهذا جاء المؤلف -رحمه الله- بهذا الباب بعد الأبواب المتعلقة بالسحر؛ لأنها من أنواعه بنص الحديث.
ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن التطير نوع من الشرك بالله- جل وعلا- بشرطه، والشرك الذي يكون من جهة التطير مناف لكمال التوحيد الواجب؛ لأنه شرك أصغر.
وحقيقة التطير: أنه التشاؤم أو التفاؤل بحركة الطير من السوانح والبوارح، أو النطيح والقعيد، أو بغير الطير مما يحدث. فكانوا في الجاهلية إذا أراد أحد أن يذهب إلى مكان، أو يمضي في سفر، أو أن يعقد له خيارا، استدل بما يحدث له من أنواع حركات الطيور، أو بما يحدث له من الحوادث على أن هذا السفر سفر سعيد فيمضي فيه، أو أنه سفر سيئ وعليه فيه وبال فيرجع عنه. وعلى هذا فضابط الطيرة الشركية التي من قامت في قلبه وحصل له شرطها وضابطها فهو مشرك الشرك الأصغر، هو ما جاء في آخر الباب من قوله عليه الصلاة