٣ - محبة مع الله، وهذه محبة المشركين لآلهتهم؛ فإنهم يحبونها مع الله- جل وعلا- فيتقربون إلى الله رغبا ورهبا نتيجة محبة الله، ويتقربون إلى الآلهة رغبا ورهبا نتيجة لمحبتهم لتلك الآلهة، ويتضح المقام بتأمل حال المشركين، وعبدة الأوثان، وعبدة القبور في مثل هذه الأزمنة، فإنك تجد المتوجه لقبر الولي في قلبه من محبة ذلك الولي وتعظيمه ومحبة سدنة ذلك القبر ما يجعله في رغب ورهب، وفي خوف وطمع، وفي إجلال حين يعبد ذلك الولي، أو يتوجه إليه بأنواع العبادة لأجل تحصيل مطلوبه، فهذه هي محبة العبادة التي صرفها لغير الله- جل وعلا- شرك أكبر به، بل هي عماد الدين، بل هي عماد صلاح القلب؛ فإن القلب لا يصلح إلا بأن يكون محبا لله - جل وعلا- وأن تكون محبته لله- جل وعلا- أعظم من كل شيء، فالمحبة التي هي محبة الله وحده - يعني محبة العبادة- هذه من أعظم أنواع العبادات، وإفراد الإله بها واجب، والمحبة مع الله محبة العبادة هذه شركية، فمن أحب غير الله- جل وعلا- محبة العبادة فإنه مشرك الشرك الأكبر بالله- جل وعلا-.
هذه الأنواع الثلاثة هي المحبة المتعلقة بالله، أما النوع الثاني من أنوع المحبة وهي المحبة المتعلقة بغير الله من جهة المحبة الطبيعية، فقد أذن بها الشرع وأجازها؛ لأن المحبة فيها ليس محبة العبادة والرغب والرهب الذي هو من العبادة، وإنما هي محبة للدنيا وذلك كمحبة الوالد لولده، والولد لوالده، والرجل لزوجته، والأقارب لأقربائهم، والتلميذ لشيخه، والمعلم لأبنائه، ونحو ذلك من الأحوال، هذه محبة طبيعية لا بأس بها، بل جعلها الله- جل وعلا- غريزة في الإنسان.