للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣] والتوكل على الله - جل وعلا - كما سبق، يرجع إلى فهم توحيد الربوبية، وإلى عظم الإيمان بتوحيد الربوبية، فإن بعض المشركين قد يكون عنده من التوكل على الله الشيء العظيم.

والتوكل على الله من العبادات العظيمة التي تطلب من المؤمن؛ لهذا نقول: إن إحداث التوكل في القلب يرجع إلى التأمل في آثار الربوبية، فكلما كان العبد أكثر تأملا في ملكوت الله: في السماوات والأرض، والأنفس، والآفاق، كان علمه بأن الله هو ذو الملكوت وأنه هو المتصرف، وأن نصره لعبده شيء يسير جدا بالنسبة إلى ما يجريه الله - جل وعلا - في ملكوته، فيعظم المؤمن بهذا التدبر الله - جل وعلا -، ويعظم التوكل عليه، ويعظم أمره ونهيه، ويعتقد أن الله - جل جلاله - لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، سبحانه وتعالى.

{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣] رتّب الحسب - وهو الكفاية - على التوكل عليه، وهذا فضيلة التوكل، وفضيلة المتوكلين عليه.

" وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: ١٧٣] قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: ١٧٣] " (١) وهذا يبين عظم هذه الكلمة وهي قول المؤمن: حسبنا الله ونعم الوكيل، فإذا حقق العبد


(١) تقدم.

<<  <   >  >>