للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

استحضر ذلك الثواب الدنيوي، وأخلص لله في العمل ولم يستحضر الثواب الأخروي، فإنه داخل في الوعيد، فهو من أنواع هذا الشرك، لكن إن استحضر الثواب الدنيوي والثواب الأخروي معا، له رغبة فيما عند الله في الآخرة ويطمع في الجنة، ويهرب من النار، واستحضر ثواب هذا العمل في الدنيا، فإنه لا بأس بذلك؛ لأن الشرع ما رغب فيه بذكر الثواب في الدنيا إلا للحض عليه، كما قال عليه الصلاة والسلام: «من قتل قتيلا فله سلبه» (١) فمن قتل حربيا في الجهاد لكي يحصل على السلب، ولكن قصده من الجهاد الرغبة فيما عند الله - جل وعلا - مخلصا فيه لوجه الله، لكن أتى هذا من زيادة الترغيب له ولم يقتصر على هذه الدنيا بل قلبه معلق أيضا بالآخرة، فهذا النوع لا بأس به ولا يدخل في النوع الأول مما ذكره السلف في هذه الآية.

النوع الثاني مما ذكره السلف مما يدخل تحت هذه الآية: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} [هود: ١٥] [هود: ١٥] أنه يعمل العمل الصالح لأجل المال، فهو يعمل العمل لأجل ما يحصله من المال، مثل: أن يدرس ويتعلم العلم الشرعي لأجل الوظيفة فقط وليس في همه رفع الجهالة عن نفسه ومعرفة العبد بأمر ربه ونهيه والرغب في الجنة وما يقرب منها والهرب من النار وما يبعد عنها، فهذا داخل في ذلك، أو حفظ القرآن ليكون إماما في المسجد، ويكون له الرزق الذي يأتي من بيت المال، فغرضه من هذا العمل إنما هو المال، فهذا لم يعمل العمل


(١) أخرجه أحمد ٥ / ٣٠٦ من حديث أبي قتادة.

<<  <   >  >>