للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

واليمين هي: تأكيد الكلام بمعظم به بين المتكلم والمخاطب، بأحد حروف القسم الثلاثة: الواو، أو الباء، أو التاء، والواجب ألا يؤكد الكلام إلا بالله - جل وعلا -؛ لأن المعظم على الحقيقة هو الله - جل وعلا -، وأما البشر فليسوا بمعظمين بحيث يحلف بهم، نعم ربما عظموا بشيء يناسب ذاتهم التعظيم البشري اللائق بهم، أما التعظيم الذي يصل إلى حد أن يحلف به فهذا إنما هو لله - جل وعلا -.

فالواجب إذا ألا يؤكد الكلام إلا بالله - جل وعلا - إذا أراد الحلف، فمن كان حالفا فليحلف بالله، وليؤكد الكلام بالله - جل وعلا - باستخدام أحد الأحرف الثلاثة: الواو، أو الباء، أو التاء.

وأما إذا استخدم غير هذه الأحرف كلفظ (في) ونحو ذلك فإنه لا يعد حلفا إلا إن كان في قلبه أنه يمين ولكنه أخطأ التعبير، فالعبرة بما في النفس من المعاني، أما ما في اللفظ فإنه في هذا المقام يؤول إلى ما في القلب؛ لهذا قال هنا: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» ، وإنما كفر أو أشرك؛ لأنه عظم هذا المخلوق كتعظيم الله - جل وعلا - في الحلف به وكفره وشركه شرك أصغر، وقد يصل إلى أن يشرك بالحلف شركا أكبر إذا عظم المحلوف به تعظيم الله - جل وعلا - في العبادة.

فالحلف بغير الله تعالى تعظيم لذلك المحلوف به في الحلف، فإن انضاف إلى ذلك تعظيم المحلوف به تعظيم عبادة صار شركا أكبر، كحلف الذين يعبدون الأوثان بأوثانهم فإنه شرك أكبر؛ لأنه يعظم ذلك الوثن، أو ذلك القبر، أو تلك البقعة، أو ذلك المشهد، أو ذلك الولي، يعظمه كتعظيم الله في العبادة

<<  <   >  >>