قوله:«ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان» : لأن (ثم) تفيد التراخي في المشيئة، وهذا لأن مشيئة العبد تبع لمشيئة الله - جل وعلا - قال تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير: ٢٩][التكوير: ٢٩] فمشيئة العبد ناقصة ومشيئة الله كاملة.
" وجاء عن إبراهيم النخعي أنه يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك) : لأن (الواو) تقتضي التشريك في الاستعاذة، والاستعاذة كما ذكرنا لها جهتان: جهة ظاهرة، وجهة باطنة، أما الجهة الباطنة وهي: الالتجاء، والاعتصام، والرغب، والرهب، وإقبال القلب على المستعاذ به، فهذه لا تصلح إلا لله.
والاعتماد في الاستعاذة على المخلوق فيما أقدره الله عليه جائز، لأن الاستعاذة بالمخلوق ظاهرا فيما أقدره الله عليه جائزة؛ لهذا " كان يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك " والكراهة في استعمال السلف يراد منها غالبا المحرم، وقد ترد لغير المحرم ولكن يستعملونها فيما لا نص فيه.
ومجيء الكراهة بمعنى التحريم في القرآن في قوله تعالى لما ذكر الكبائر في سورة الإسراء:{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}[الإسراء: ٣٨][الإسراء: ٣٨] ، وفي القراءة الأخرى: كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها أي: محرما التحريم الشديد.
" ويجوز أن يقول: بالله ثم بك": لما فيها من التراخي " قال: ويقولون: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان "
" باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله "، قوله: " لم يقنع " استفاد منه كثير من الشراح أن المراد بهذا الباب ما يكون عند توجه اليمين على أحد المتخاصمين، فإنه إذا كانت الخصومة، وتوجهت اليمين في الدعوى فإن الواجب على الآخر أن يقنع بما حلف عليه الآخر بالله - جل وعلا - فخصوا ما جاء من الدليل، وخصوا هذا الباب بمسألة الدعاوى، يعني: اليمين عند القاضي.