في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) ، تفتح عمل الشيطان» : وجه مناسبة هذا الحديث: قوله: «وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا» و (لو) هنا كانت على الماضي، وقوله:(فلا تقل) نهي، والنهي للتحريم؛ وهذا لأنه سوء ظن؛ ولأنه فتح عمل الشيطان، فالشيطان يأتي المصاب فيغريه بـ (لو) حتى إذا استعملها ضعف قلبه وعجز، وظن أنه سيغير من قدر الله شيئا، وهو لا يستطيع أن يغير من قدر الله شيئا، بل قدر الله ماض؛ ولهذا أرشده عليه الصلاة والسلام أن يقول:«قدر الله وما شاء فعل» ؛ لأن ذلك راجع إلى قدره وإلى مشيئته، هذا كله من النهي والتحريم راجع إلى ما كان من استعمال (لو) أو (ليت) وما شابههما من الألفاظ في التحسر على الماضي، وتمني أن لو فعل كذا حتى لا يحصل له ما سبق، كل ذلك فيما يتصل بالماضي.
أما المستقبل كأن يقول: لو يحصل لي كذا وكذا في المستقبل، فإنه لا يدخل في النهي؛ لأنها حينئذ تكون للتعليق في المستقبل، وترادف (إن) .
فاستعمال (لو) في المستقبل الأصل فيه الجواز، إلا إن اقترن بذلك اعتقاد أن فعله سيكون حاكما على القدر كاعتقاد بعض الجاهليين، أنه إن حصل لي كذا فعلت كذا، تكبرا وأنفة واستعظاما لفعلهم وقدرتهم، فإن هذا يكون من المنهي؛ لأن فيه تجبرا وتعاظما، والواجب على العبد أن يكون ذليلا؛ لأن القضاء والقدر ماض، وقد يحصل له الفعل ولكن ينقلب على عقبيه كحال