عنه- جل وعلا- طرفة عين. وهو الذي يجعل الرياح بشرا، فيسخرها- جل وعلا- لما فيه مصلحة العباد.
فهذا الباب عقده لبيان تحريم سب الريح، كما عقد ما قبله لبيان أن سبب الدهر لا يجوز ومحرم؛ لأنه أذية لله- جل وعلا- وهذا الباب من جنس ذاك، لكن هذا يكثر وقوعه، فأفرده لكثرة وقوعه، وللحاجة إلى التنبيه عليه.
قوله " باب النهي عن سب الريح " النهي للتحريم، وسب الريح يكون بشتمها أو بلعنها، وكما ذكرنا في باب الدهر، فإنه ليس من سبها أن توصف بالشدة، كقول الله- جل وعلا-: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ - سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}[الحاقة: ٦ - ٧][الحاقة: ٦- ٧] فهذا وصف للريح بالشدة، ومثل ذلك وصفها بالأوصاف التي يكون فيها شر على من أتت عليه كقوله:{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}[الذاريات: ٤٢][الذاريات: ٤٢] فمثل هذا ليس من المنهي عنه.
" عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها وخير ما أمرت به» هذا يدل على أن الريح يكون فيها خير، وتؤمر وتنهى، والله- جل وعلا- يرسل الرياح كيف يشاء، ويصرفها أيضا- جل وعلا- عمن يشاء، فهي مسخرة بأمره- جل وعلا- والملائكة هي التي تصرف الريح بأمره- جل وعلا- فللريح ملائكة تصرفها كيف شاء ربنا