للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

حقق التوحيد، وقد وصفه الله بأنه كان أمة قانتا لله حنيفا، وبأنه لم يك من المشركين، فهل يطمئن من كان على هذه الحال إلى أنه لن يعبد غير الله، ولن يعبد الأصنام، أو يظل مقيما على خوفه؟؟!! وهل حال الكمَّل الذين حققوا التوحيد أنهم يطمئنون أم يخافون؟؟! هذا إبراهيم - عليه السلام - كما في هذه الآية خاف الشرك، وخاف عبادة الأصنام، فدعا الله بقوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ - رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم: ٣٥ - ٣٦] [إبراهيم: ٣٥ - ٣٦] فكيف بمن دون إبراهيم ممن ليس من السبعين ألفا، وهم عامة هذه الأمة؟؟!! والواقع أن عامة الأمة لا يخافون من الشرك، فمن الذي يخافه إذًا؟ الذي يخافه هو الذي يسعى في تحقيق التوحيد.

قال إبراهيم التيمي - رحمه الله - وهو من سادات التابعين لما تلا هذه الآية قال: ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم؟!! (١) إذا كان إبراهيم - عليه السلام - وهو الذي حقق التوحيد، وهو الذي وُصِفَ بما وُصِفَ به، وهو الذي كسَّر الأصنام بيده يخاف من الفتنة بها فمن يأمن البلاء بعده؟!

إذًا فما ثمَّ إلا غرور أهل الغرور، والمقصود: أن هذا يوجب الخوف الشديد من الشرك؛ لأن إبراهيم - عليه السلام - مع كونه سيد المحققين للتوحيد في زمانه، بل وبعد زمانه إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ما أعطي الضمان والأمان من الوقوع في الشرك، وألا يزيغ الحال مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.


(١) أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٥ / ٤٦) .

<<  <   >  >>