لست مجبورا، فالقول بالجبر لا يستقيم مع الإيمان بالقدر؛ لأن الإيمان بالقدر إيمان معه الإيمان بأن العبد مختار وليس بمجبر؛ لأن التكليف وقع بذلك.
والجبرية طائفتان: طائفة غلاة، وهم الجهمية، وغلاة الصوفية الذين يقولون إن العبد كالريشة في مهب الريح، وحركاته حركات اضطرارية، ومنهم طائفة ليست بالغلاة، وهم الأشاعرة ونحوهم الذين يقولون بالجبر في الباطن، وبالاختيار في الظاهر، ويقولون: إن العبد له كسب، وهذا الكسب هو أن يكون العبد في الفعل الذي فعله محلا لفعل الله - جل وعلا - فيفعل به، فيكون هو محلا للفعل، ويضاف الفعل إليه على جهة الكسب، على ما هو معروف في موضعه من التفاصيل في كتب العقيدة المطولة.
" سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة»(١) هذا فيه دليل على مرتبة الكتابة، وقوله:«إن أول ما خلق الله القلم» معناه - على الصحيح عند المحققين - إنه حين خلق الله القلم، فـ (أول) هنا ظرف بمعنى: حين و (إن) اسمها ضمير الشان محذوف: إنه أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، يعني: حين خلق الله القلم قال له: اكتب، فيكون قول اكتب هذا من جهة الظرفية، يعني: حين خلق الله القلم قال له: اكتب.
وأما أول المخلوقات فالعرش سابق في الخلق على القلم، كما قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الذي في الصحيح: «قدر الله مقادير الخلق قبل أن