" وقوله تعالى:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}[النحل: ٩١][النحل: ٩١] : العهد في قوله: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ}[النحل: ٩١] فسر بالعقد، وفسر باليمين، فالعهد بمعنى العقد، كما قال - جل وعلا -: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الإسراء: ٣٤][الإسراء: ٣٤] ، وقال - جل وعلا -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١][المائدة: ١] ، فالعقد والعهد بمعنى، فلهذا فسر:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ}[النحل: ٩١] بأنها العقود التي تكون بين الناس، وفسر أيضا بأنه اليمين، ودل عليه قوله بعدها:{وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}[النحل: ٩١] فيجب الوفاء بالعقد والوفاء باليمين تعظيما لحق الله - جل وعلا -؛ لأن من أعطى اليمين بالله، فإن معناه أنه أكد وفاءه بهذا الشيء الذي تكلم به، أكد ذلك بالله - جل جلاله -، فإذا خالف وأخفر فمعنى ذلك أنه لم يعظم الله - جل جلاله - تعظيما خاف بسببه من أن لا يقيم ما يجب لله - جل وعلا - من الوفاء باليمين؛ ولهذا قال:{وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا}[النحل: ٩١][النحل: ٩١] حين استشهدتم الله - جل جلاله - أو حين حلفتم بالله - جل جلاله -؛ ولهذا كانت كفارة اليمين واجبه على ما هو مفصل في موضعه من كتب الفقه.
والحديث ظاهر الدلالة على ما ذكرنا، ففيه تعظيم الله - جل جلاله - بأن لا يعطي العبد الناس بذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم، بل أن يعطي بذمته هو، وفي هذا