وهذا صحيح: فإن التوحيد يُعرف حسْنُه بمعرفة قبح الشرك. وقد بدأ الإمام - رحمه الله - في ذكر ما هو مضاد للتوحيد.
وما يضاد التوحيد منه: ما يضاد أصله، وهو الشرك الأكبر الذي إذا أتى به المكلف فإنه ينقض توحيده، ويكون مشركا شركا أكبر مخرجا من الملة، فمثل هذا يقال فيه: أنه قد أتى بما ينافي التوحيد، أو ينافي أصل التوحيد.
والثاني: ما ينافي كمال التوحيد الواجب، وهو: ما كان حاصلا من جهة الشرك الأصغر، فإنه ينافي كماله الواجب، فإذا أتى بشيء منه، فقد نافى بذلك كمال التوحيد؛ لأن كمال التوحيد إنما يكون بالتخلص من أنواع الشرك جميعا، وكذلك الرياء فإنه من أفراد الشرك الأصغر أعني: يسير الرياء، وهو ينافي كمال التوحيد. ومنها أشياء يقول العلماء عنها: إنها نوع شرك، فيعبرون عن بعض المسائل من الشركيات بأنها نوع شرك أو نوع تشريك فصارت ألفاظهم - عندنا - في هذا الباب أربعة:
الأول: الشرك الأكبر.
الثاني: الشرك الأصغر.
الثالث: الشرك الخفي.
الرابع: قولهم في بعض المسائل: فيها نوع شرك، أو نوع تشريك، وذلك مثل ما سيأتي في قوله - جل وعلا -: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}[النحل: ٨٣][النحل: ٨٣] ، وفي نحو قوله {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ}[الأعراف: ١٩١][الأعراف: ١٩١] وهذا يدخل في باب الطاعة، كما سيأتي بيانه مفصلا - إن شاء الله -.