للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

طريقة القرآن أنه يحتج على المشركين بما أقروا به من توحيد الربوبية على ما أنكروه من توحيد الإلهية، وهم أقروا بالربوبية، فرتب على إقرارهم بهذا: أنه يلزمهم أن يبطلوا عبادة غير الله - جل وعلا - ومعنى قوله: تَدْعُونَ أي: تعبدون، وقد تكون العبادة بدعاء المسألة، وقد تكون بأنواع العبادة الأخرى، وقوله: تَدْعُونَ يشمل دعاء المسألة، ودعاء العبادة؛ لأنهما حالتان من أحوال أهل الإشراك بالله.

و (ما) في قوله: مَا تَدْعُونَ عامة؛ لأنها اسم موصول بمعنى الذي؛ أي: أفرأيتم الذي تدعونه من دون الله. والذي يدعونه من دون الله - الذي شملته هذه الآية - أنواع، كل ما دعي من دون الله مما جاء بيانه في القرآن، وقد جاء في القرآن بيان الأصناف التي أُشرِك بها من دون الله - جل وعلا - وتُوُجِّهَ لها بالعبادة، وهي أنواع:

الأول: بعض الأنبياء والرسل والصالحين، كما قال - جل وعلا - في آخر سورة المائدة: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ} [المائدة: ١١٦] [المائدة: ١١٦] الآيات، فهذا فيه بيان هذا النوع من المعبودين.

الثاني: الملائكة، كما جاء بيان ذلك في آخر سورة سبأ في قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ - قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سبأ: ٤٠ - ٤١] [سبأ: ٤٠ - ٤١] .

<<  <   >  >>