للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما وحباب مبسمه المفدى ... على معسول كأس المرشفين

لقد عذبت موارده ولكن ... ندى المنصور أحلى الموردين

وقال أيضا:

وأغيد تعرف من جفنه ... علامة التأنيث بالكسرة

أرخى على أعطافه شعره ... قد جذبتني فيه للحسرة

فأعجب لمن جار عليه الضنى ... حتى غذت تجذبه شعره

فقال يطلب الأذن:

ما يقوم المقام أيده الله ... ولا زال للسعود يحوز

في ولى ببابه تركب الخلق ... ووافى يجوز أم لا يجوز

وقال:

أهواه لدن القوام منعطفا ... يسل من مقلتيه سيفين

وهبت قلبي له فقال عسى ... نومك أيضا فقلت من عيني

وقال:

لله خال على خد حبيب له ... في العاشقين كما شاء الهوى عبث

أورثته حبة القلب القتيل له ... وكان عهدي ان الخال لا يرث

وقال أيضا:

بقلت وجنة المليح وقد ولى ... زمان الصبا الذي كنت أملك

يا عذار المليح دعني فإني ... لست في ذا الزمان من خل بقلك

وقال أيضا:

رأيت في جلق غزالا ... تحار في حسنه العيون

فقلت ما الاسم قال موسى ... قلت بذا تحلق الدقون

وقال أيضا:

أهواه معسول الرضاب منعما ... ولكم يعذبني الهوى بمنعم

يا قلب هذا شعره وجفونه ... صبرا على هذا السواد الأعظم

وقال:

لا ينكر الكاسر أجفانه ... دم الشهيد الصابر المغرم

فالريح، ريح المسك في خده ... كما ترى، واللون لون الدم

وقال:

علقتها غيداء حالية الطلا ... تجني على عقل المحب وقلبه

بخلت بلؤلؤ ثغرها عن لاثم ... فغدت مطوقة بما بخلت به

وقال:

بروحي معسول المراشف أغيد ... كثير التجني ما أغر وما أغرا

تثنى قضييا فاح مسكا رنا طلا ... سطا أسد، غنى حماما بدا بدرا

وقال:

وأغيد جارت في القلوب لحاظه ... وأسهرت الأجفان أجفانه الوسنى

أجل نظرا في حاجبيه ولحظه ... تر السحر منه قاب قوسين أو أدنى

وقال:

وضعت سلاح الصبر عنه فما له ... يقابل بالالحاظ من لا يقابله

وسأل عذار فوق خديه جائر ... على مهجتي فليتق الله سائله

وحين ودعته تأسف للفراق وأعقب بإرسال دمعة المهراق وأنشدني وهو مما يجب أن يكتب على الاحداق لا على الأوراق فقالي لي:

أودعكم وأودعكم لقلبي ... وعون الله حسبكم وحسبي

فقلت مرتجلا:

وأرعى حبكم ما دمت حيا ... وأرجو فضلكم رعيا لحبي

ثم تألف بتلك المدينة الركب، واشتاق إلى البقاع الكريمة القلب فأعددت الزاد. وشددت الاقتاب والاقتاد، وخرجت من مدينة القدس الشريف. في عشي يوم الأربعاء الثاني عشر لشوال من العام المذكور. وقد تضمخ حبي الأصيل بالعبير، وكادت الشمس تسقط من الغرب على شفير، فبتنا بقرب سورها، وأخذنا من الأمور بميسورها، وودعت بمنزلنا ذلك أخي محمد المذكور المتقدم الذكر وداعا استولى على الفكر. فشغلت مقل بالدموع، وأكباد بالجمر، وطالت النوى لوجدان الأسى وعدم الصبر:

ومدت اكف للوداع وصافحت ... وكادت عيون للفراق تسيل

ولا بد للألفين من دمع لوعة ... إذا ما خليل بان منه خليل

ولما غاض نهر المجرة، وابتسمت أسنان الكواكب المفترة، سرنا إلى ان خيمنا بظلال روضات الغيور، وقد استل سيوف الجداول وترشح خمائل النور معدت حينئذ في صفة الشعراء:

وتحدث الماء الزلال مع الحصا ... فجرى النسيم عليه يسمع ما جرا

وكأن فوق الماء وشيا ظاهرا ... وكأن تحت الماء درا مضمرا

فترامينا على تلك المياه بين تلك الظلال مستقين وأنشدتهم لكتاب ميا فارقين:

وقانا وقدة الرمضاء ظل ... وقاه مضاعف الظل العميم

يراعي الشمس أني قابلتنا ... فيحجبها وبأذن للنسيم

وسقانا على ظمأ زلالا ... الذمن المدام لنديم

تروع حصاه حالية الغواني ... فتلمس جانب العقد النظيم

<<  <   >  >>