للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فجاد على أرجائها الغيث إنها ... منازل جيران كرام ومعشر

ودخلت عند أذان العصر من يوم الاثنين المذكور فاجتمع والحمد لله الشمل وسر الأحباب والأهل:

وألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قر عينا بالإياب مسافر

فاستوطناها قرار، ولم نشم بعد العشية من نجد عراران وذكرت عند ذلك مخاطبا أهلا ودارا:

صب يحث مطاياه بذكركم ... فليس ينساكم إن حل أو سارا

لو يستطيع طوى الأيام نحوكم ... حتى يبيع بعمر القرب أعمارا

يرجو النجاة من البلوى يقربكم ... والقرب يلهب في أحشائه النارا

وحللتها حلول الحياة بالجسم، والأعراب في آخر الاسم، فاتقد سراج الأنس في ليل ذلك التوهم، وأومض برق التبسم في وجه ذلك التجهم، ومضى لنا من ذهول الألباب، ومحادثة الأحباب، ومجاذبة أهداب الآداب:

يوم كأن نسيمه من عنبر ... وتخال أن أديمه من جوهر

لو باعت الأيام آخر متله ... بالعمر أجمع كنت أول مشتري

وقد قيل ليس تعدل ساعة الفراق إلا ساعة اللقاء:

فلولا البعد ما حمد التداني ... ولولا البين ما طاب التلاقي

فجاءت هذه الغيبة المباركة خمسة أعوام إلا شهرين اثنين وثمانية عشر يوما.

ومن النادر أني لما أتممت هذه الرحلة المباركة وأصبحت بمنزلي أول صباح أصبحته فيه صليت الصبح وجعلت أقرأ في مصحف كريم بين يدي إلى أن غلبتني عيناي فسمعت هاتفا يهتف بي وأنا بين النائم والمستيقظ وهو ينشدني هذين البيتين ولم أكن قط سمعتهما وهما:

تم للعشاق أمرهم ... وكذلك الأجر قد كملا

فاعذر العشاق أنهم ... قد جفاهم كل من عذلا

وها أنا أقف موقف الخجل والتقصير، وأسأل الله العلي الكبير، بجاه سيدنا ومولانا محمد رسوله البشير النذير، أن يجعله حجا مبرورا سعيا مباركا مشكورا وعملا صالحا متقبلا مذخورا وأرغب ممن وقف على التقييد من الأولياء أن يخلص في التأمين على هذا الدعاء، وأن يتفضل بالسمح والصفح والأغضاء ويعلم أن اللسان يقصر ومعاني الكلام لا تنصحر، وقديما قيل من ألف فقد استهدف ومن ركب الأكثار، لم يسلم من العثار والمرء مستور ما لم يؤلف تأليفا أو يقل شعرا، وهذا ما سنح مع الكد والاجتهاد، واجتهاد مقصر خير من تقصير ذي اجتهاد، وأختم هذا المجموع بما أنشدني لنفسه بحرم القدس الشريف الشيخ الإمام الأوحد جمال الدين أبو بكر محمد بن محمد بن نباتة المتقدم الذكر وذلك:

دعوني في حلي من العيش مائسا ... ومرتقبا من بعده عفو راحم

أد إلى ذات الأساور مقلتي ... وأسأل للأعمال حسن الخواتم

اللهم اختم لنا بالحسنى وبوئنا من رضاك المحل الأشرف الأسنى، انك أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا ومولانا خاتم النبيين والمرسلين، وعلى آله وأزواجه وذريته وصحابته أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كملت الرحلة المباركة بفضل الله تعالى وحسن عونه الموالي والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وحسبنا الله سبحانه مفوضا إليه وكفى.) وبخط عبيد الله سبحانه الفقير الخائف المشفق الراجي المستغفر خالد بن أحمد بن خالد المؤلف بن عيسى بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي ابن أبي خالد البلوي تاب الله عليه، ورده ردا جميلا إليه، برحمته وفضله وأكملها في اليوم الحادي والعشرين لصفر المبارك من عام تسعة عشر وثمانمائة، وذلك برشانة المحروسة بفضل الله من خط جدي رحمه الله المؤلف والد والدي رحمة الله عليهم أجمعين وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أثيرا إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.

[بسم الله الرحمن الرحيم]

[وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما]

قال خالد بن أحمد بن خالد المؤلف رحمه الله تعالى: نقلت من خط مولاي الجد ما كان مكتوبا على ظهر نسخته التي انتسخت هذا منها ما هذا لفظه:

<<  <   >  >>