والفرض والوجوب يتواردان على معنى واحد، إلَّا أنَّ الفرض يُشعِر بتأكد الوجوب. وقد اصطلح الحنفية على تخصيص الفرض لما ثبت بدليل قاطع، والواجب لما ثبت بدليل ظني. كذا نُقل عنهم، ولهم تفصيل، قيل: والخلاف لفظي.
أقول: لكنه يتعلق به خلاف معنوي، سنُلِمُّ به في محله إن شاء الله تعالى.
المسألة الثانية: الوجوب منه عيني؛ وهو ما لا يسقط الحرج عن المكلَّف بفعل غيره له. وإما كفائي؛ وهو ما يطلب حصوله، فإذا قام به بعض المكلَّفين لم يأثم الباقون بتركه.
المسألة الثالثة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وذلك كغسل شيء من حدود الوجه مع الوجه، والسفر لأداء الحج، وتحصيل ما يستر العورة وسترها للصلاة، ونحو ذلك.
فإنَّ الرجل إذا كان هو وولده خارجَ حجرةٍ مقفلةٍ فيها مصحف، وهو يعلم ذلك كله، وقال لولده: ناوِلْني المصحف؛ عُلِم من هذا الأمر أمرُه بالحركة إلى الحجرة وفتحها ونحو ذلك مما لا بدَّ منه للتوصُّل إلى مناولة المصحف.
فأما ما لا يتم الوجوب إلَّا به فلا يجب؛ فالتوبة من الذنب واجبة، ولا يتم وجوبها إلَّا بإتيان الذنب، وليس بواجب. وقضاء الدين واجب، ولا يتمُّ وجوبه إلَّا بأخذ الدين، وليس بواجب. وهكذا تحصيل النصاب للزكاة، وغيره.