النحاس لذاتها، وإنما يعبدون أولياء وصالحين سميت بأسمائهم هذه الأنصاب والتماثيل؟
فقلت له: أما الدليل القاطع على ذلك فقد كان بوسعك لو وفقت أن تفهمه مما مضى من الآيات الكريمة التي تثبت (بما لا يدع مجالا للشك) أن المشركين الأولين ما كانوا يعبدون إلا الأولياء والصالحين، وقد أوردتها لك فيما مضى من هذا النقاش١.
ولكنني زيادة في الإبلاغ وتوسعاً في إقامة الحجة ورغبة في إزالة كل شبهة يمكنك التشبث بها أو الوقوف عندها، سأذكر لك - إن شاء الله - ما يسند قولي هذا ويطيح بآخر شبهة قد تتمسك بها للبقاء على الرأي الذي تتشبث به.
يغوث ويعوق ونسر كانوا رجالا صالحين من قوم نوح
١- روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال:"صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب، أما "ود" فكانت لكلب بدومة الجندل، و"سواع" لهذيل، و"يغوث" لمراد ثم صارت لبني غطيف بالحوف أو الجرف عندسبأ، أما "يعوق" فكانت لهمدان، وأما "نسر" فلحمير لآل ذي الكلاع، وكلها أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فكلما هلكوا أوحى الشيطان إلى
١ اتضح من سير نقاشنا فيما مضى أن عبادة غير الله التي نعاها الله على المشركين إنما هي الدعاء والذبح والنذر والخوف والرجاء المتوجه به إلى غيره من الأصنام والأوثان المقامة بأسماء الأولياء والصالحين.