وقد سماها الولاية، وقرر أن المصلحة فيهما لا تتم إلا بالإجماع، وأن الاجتماع لا بد له من آمر وناه، فتلك هي الولاية، ولذلك سعى لها ليحفظ مقاصد الشرع ومصالح العباد، قال:
"جميع الولايات مقصودها أن يكون الدين كله لله، فإنه سبحانه إنما خلق الخلق لذلك، وذلك هو الخير والبر، والتقوى والحسنات والقربات والباقيات الصالحات، والعمل الصالح، وإن كان بين هذه الأسماء فروق لطيفة، ولا تتم مصلحة الدين والدنيا إلا بالاجتماع، وإذا اجتمعوا فلا بد من أمور يجتنبونها لدفع المفسدة، ويقومون للأمر بها والنهي عنها، فلا بد من آمر وناه، وإذا كان لا بد من ذلك، فدخول المرء تحت طاعة الله ورسوله الذي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ـ خير له. وأخبر أنه أنزل الكتاب بالحق والميزان، وأنزل الحديد فيه بأس شديد، ليقوم الناس بالقسط. ولهذا أمر، صلى الله عليه وسلم، أمته بتولية ولاة الأمور عليهم، وأمر ولاة الأمور أن يؤدوا الأمانة، وأن يحكموا بالعدل، وأمر بطاعتهم".
أقول: على قواعد القرآن والسنة، وهذه المدارك الحكيمة الحصيفة العالية، وقد بلغت الغاية في الضلاعة والسداد وإصابة