للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونؤمن بأن الشر لا ينسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والشر ليس إليك" ١، فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شر أبدًا، لأنه صادر عن رحمة وحكمة.

وإنما يكون الشر في مقتضياته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت الذي علمه الحسن: "وقني شر ما قضيت" ٢، فأضاف الشر إلى ما قضاه، ومع هذا فإن الشر في المقتضيات ليس شرًا خالصا محضا، بل هو شر في محله من وجه، خير من وجه، أو شر في محله خير في محل آخر. فالفساد في الأرض: من الجدب والمرض والفقر والخوف شر، لكنه خير في محل آخر، قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ٣.

وقطع يد السارق ورجم الزاني شر بالنسبة للسارق والزاني في قطع اليد، وإزهاق النفس، لكنه خير لهما من وجه آخر، حيث يكون كفارة لهما، فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة. وهو أيضا خير في محل آخر، حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب.


١ رواه مسلم في صحيحه (١/٥٣٥) صلاة المسافرين من حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه.
٢ أخرج حديث دعاء القنوت: أبو داود في سننه (٢/١٣٣) الوتر. والنسائي في سننه (٣/٢٤٨) قيام الليل. والترمذي في (١/٢٨٩) أبواب الوتر وقال: (حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه) . وابن ماجه في (١/٣٧٢) إقامة الصلاة. وأحمد في مسنده (١/١٩٩ و ٢٠٠) . والدارمي في سننه (١/٣٧٣) .
٣ سورة الروم، الآية: ٤١.

<<  <   >  >>