للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المرجوحة فَلم يقل أحد من أهل الْعلم أَنه يجب أَن يعْزل الْإِنَاث فِي مَحل لَا يسكن فِيهِ ذكر وَأَن يَجْعَل دونهن حصن عَظِيم أبوابه من حَدِيد وَتَكون المفاتيح عِنْد أَمِين ذِي شيبَة لَا إرب لَهُ فِي النِّسَاء إِلْغَاء للمفسدة المرجوحة بِالْمَصْلَحَةِ الراجحة.

٣- وواسطة هِيَ مَحل الْخلاف بَين الْعلمَاء كالبيوع الَّتِي يسميها الْمَالِكِيَّة بُيُوع الْآجَال ويسميها الْحَنَابِلَة وَالشَّافِعِيَّة بيع الْعينَة كَأَن يَبِيع سلْعَة بِثمن إِلَى أجل ثمَّ يَشْتَرِيهَا بِعَينهَا بِثمن أَكثر من الأول لأجل أبعد من الأول. فكلتا البيعتين فِي حد ذَاتهَا يظْهر أَنَّهَا جَائِزَة لِأَنَّهَا بيع سلْعَة بِثمن إِلَى أجل مَعْلُوم وَمن هُنَا قَالَ الشَّافِعِي وَزيد بن أَرقم بِجَوَاز ذَلِك.

وَلكنه يحْتَمل أَن يكون ذَلِك ذَرِيعَة للربا لِأَن السّلْعَة الْخَارِجَة من الْيَد العائدة إِلَيْهَا ملغاة فيؤول الْأَمر إِلَى أَنه عِنْد الْأَجَل الأول دفع نَقْدا وَأخذ عِنْد الْأَجَل الثَّانِي أَكثر مِنْهُ وَهَذَا عين الرِّبَا. كَمَا أنكرته عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا على زيد بن أَرقم وبالمنع قَالَ مَالك وَأَصْحَابه وَأحمد وَأكْثر أَصْحَابه. وَلَا يَتَّسِع الْمقَام إِلَى أَن نتكلم على جَمِيع أَنْوَاع الِاسْتِدْلَال وَلَكنَّا سنتكلم على الْقَوَاعِد الَّتِي يبْنى عَلَيْهَا الْفِقْه الإسلامي وَيرجع إِلَيْهَا غَالب فروعه. وَإِن كَانَ بعض الْفُرُوع لَا يرجع إِلَيْهَا إِلَّا بِنَوْع تكلّف.

وَالْقَوَاعِد الْمشَار إِلَيْهَا خمس:

الأولى مِنْهَا: الضَّرَر يزَال: فِي حَدِيث "لاضرر ولاضرار".

وَمن فروع هَذِه الْقَاعِدَة شرع الزواجر من الْحُدُود وَالضَّمان ورد المغضوب مَعَ قيام عينه وضمانه بالتلف وارتكاب أخف الضررين. والتطليق بالإضرار والإعسار وَمنع الْجَار من أَحْدَاث مَا يضر بجاره وَنَحْو ذَلِك.

الْقَاعِدَة الثَّانِيَة: الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير: كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} . وَنَحْو ذَلِك من الْأَدِلَّة. وَمن فروع هَذِه الْقَاعِدَة

<<  <   >  >>