للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ما هجرتُ المدامَ والوردَ والبدْ ... رَ بطوعٍ لكن برغمٍ وكرهِ

منعتني من الثَّلاثةِ من لو ... قتلتني لمْ أحكِ والله من هي

قالت: الوردً والمدامةُ والبد ... رُ رُضابي ولونُ خدّي ووجهي

قلت: بخلاً بكلِّ شيءٍ؟ فقالت: ... لا ولكن بخلتُ بي وبشبهي

قلت: يا ليتني شبيهك ِقالت: ... إنما يقتلُ المحبَّ التشهيّ

وقال [عمر بن أبي ربيعة] فيما يتعلق بالبيت الأخير:

أصبح القلبً مستهاماً مُعَنّى ... بفتاةٍ من أسوأ النَّاس ظنّا

قلت يوماً لها وحرَّكتِ العو ... دَ بمضرابها فغنَّتْ وغنَّى

ليتني كنتُ ظهرَ عودكِ يبوماً ... فإذا ما احتضنتني صرت بطنا

فبكتْ ثم أعرضت ثم قالتْ: ... من بهذا أتاكَ في اليومِ عنّا

لو تخوفتَ جفوةً أو صدوداً ... ما تطلَّبت ذا لعمرك منّا

قلتُ لما رأيتُ ذلك منها ... بأبي ما عليكِ أن أتمنّى

وقال أبو الفتح كشاجم فيه:

تمنَّيتُ من خدِّها قبلةً ... وما كنتُ أطمعُ في قبلته

وكأساً أناولها ملأها ... فتبدا وأشربُ من فضلته

فأبلغها ذاك عنّي الرسو ... لُ في بعضِ ما نصَّ من قصته

فقالتْ لأقرب أترابها: ... ألا تنظرينَ إلى همَّته

فقالت: أنجمعُ هجرانهُ ... وبخلاً عليه بأمنيته

وكان تميم بن المعز يقتفي طريق ابن المعتز في التشبيهات، وبدائع الصفات، ويتابعه في سلوك ألفاظ الملوك، وكانت يد فكره قاصرة عن مرماه، فيما عنَّ له معناه، ولكنه أدمن فأحسن، في كثير مما اعتمده وقصده، وشعره بمصر مع استحكام السن، في غاية الحسن كقوله:

سقّياني فلستُ أصغي لعذلِ ... ليس إلاّ تعِلَّةُ النَّفس شغلي

أأطيعُ العذول في ترك ما أه? ... ?وى كأنّي اتَّهمت رأيي وعقلي

علّلاني بها فقد أقبلَ اللّي? ... ?ل كلونِ الصُّدود من بعد وصل

وانجلى الغيم بعد ما أضحكَ الرَّو ... ض بكاءُ السَّحاب فيه بوبلِ

عن هلالٍ كصولجانِ نضارٍ ... في سماءٍ كأنَّها جامُ ذبلِ

وله أيضاً:

رُبَّ صفراءَ علَّلتني بصفرا ... ء وجنحُ الظَّلامِ مرخى الإزارِ

بين ماءٍ وروضةٍ وكرومٍ ... وروابٍ منيفةٍ وصحاري

تتثنّى بها الغصونُ علينا ... وتجيب القيانُ فيها القماري

وكأنّ الدُّجى غدائر شعرٍ ... وكأنّ النُّجومَ فيها مداري

وانجلى الغيمُ عن هلالٍ تبدّى ... في يدِ الأفقِ مثلَ نصفِ سوارِ

وله أيضاً:

إذا حذرتَ زماناً لم تسَرَّ به ... كم قد أتى سهل أمرٍ دون أصعبه

فأقبل الدَّهر ما أعطاك مختلطاً ... لعلَّ مرَّك يحلو في تقلبه

خذها إليك ودع لومي مشعشعة ... من كفِّ أقنى أسيل الخدِّ مذهبه

في كلِّ مقعد حسنٍ منه معترضٌ ... عليه يحميهِ من أن يستبدَّ به

فكحل عينيه ممنوعٌ بخنجره ... وورد خدَّيه محميٌّ بعقربه

لا تتركِ القدحَ المملوءَ في يده ... إنّي أخافُ عليه من تلهّبه

وصنهُ عن سقينا إنّي أغار به ... وسقِّهِ واسقني من فضلِ مشربهِ

وانظر إلى اللّيل كالزِّنجي منهزماً ... والصُّبح في أثره يعدو بأشهبه

والبدرُ منتصبٌ ما بين أنجمه ... كأنّه ملكٌ في صدر موكبه

وقوله أيضاً:

عقرب الصُّدغِ فوق تفاحةِ الخ? ... دِّ نعميٌ مطرزٌ بعذابِ

وسيوف الألحاظِ في كلِّ حينٍ ... مانعات جنة الثَّنايا العِذابِ

وعيون الوشاةِ يفسدنَ بالرّق? ... بة والمنع رؤية الأحبابِ

فمتى يظفرُ المحبُّ ويشفي ... بالتّداني مضاضة الاكتئاب

وقوله:

ترى عذاريهِ قد قاما بمعذرتي ... عند العذول فأضحى وهو يعذرني

ريمٌ كأنَّ له في كل جارحةٍ ... عقداً من الحسنِ أو نوعاً من الفتنِ

كأنَّ جوهرهُ من لطفهِ عرضٌ ... فليس تحويهِ إلاّ أعينُ الفطنِ

أخفى من السِّرّ لكنْ حسنُ صورته ... إذا تأملّته أبدى من العلنِ

والله ما فتنت عيني محاسنهُ ... إلاّ وقد سحرت ألفاظه أذني

ما تصدر العينُ عنه لحظها مللاً ... كأنّه كلُّ شيءٍ مرتضىً حسن

<<  <   >  >>