للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٠٥-

وَبِالسُّوءِ إِلاَّ أَبْدَلا ثُمَّ أَدْغَمَا ... وَفِيهِ خِلاَفٌ عَنْهُمَا لَيْسَ مُقْفَلا

يعني قوله تعالى في سورة يوسف: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} ١، خالفا فيها أصلهما فعدلا عن تسهيل همزة السوء بين بين؛ لأن لغة العرب في تخفيف همزة مثل ذلك على وجهين سيأتي ذكرهما في باب وقف حمزة وهشام.

أحدهما: أن تُلقى حركة الهمزة على الواو وبحذف الهمز وهذا لم يقرأ به لهما، وهو الوجه المختار في تخفيف همز ذلك، وقد نبه عليه مكي -رحمه الله- في التبصرة.

والثاني: أن تبدل الهمزة واوا، وتدغم الواو التي قبل الهمزة فيها، وهذا الوجه هو المذكور لهما في هذا البيت أي أبدلا الهمز واوا ثم أدغما فيها الواو التي قبلها، وإنما اختارا هذا على وجه نقل الحركة؛ لأن النقل يؤدي هنا إلى أن تنكسر الواو بعد ضمة، فتصير مثل قول، وهو مرفوض في اللغة، وقول بالتشديد مستعمل وهو أخف من قول، ولعل سببه حجز الساكن بين الضمة والكسرة، وقد فعل قالون نحو ذلك في لفظ النبي في موضعين في سورة الأحزاب؛ لأنه يهمز لفظ النبي، وقبل الهمز ياء، فأبدل الهمزة ياء وأدغم فيها الياء التي قبلها وذلك متعين، ثم لا يجوز فيه نقل حركة الهمزة إلى الياء؛ لأنها زائدة بخلاف الواو هنا وهذا سيأتي ذكره ف سورة البقرة إن شاء الله تعالى، ثم قال: "وفيه" أي: وفي تخفيف بالسوء خلاف عن قالون والبزي ليس مقفلا أي ليس مغلقا أو ليس مقفلا عليه أي ممنوعا لا يوصل إليه بل هو مشهور معروف في كتب مصنفة منها التبصرة لمكي، وإن كان صاحب التيسير ما ذكره ولم يذكر هذه المسألة إلا في سورتها، والخلاف المشار إليه أنهما قرآها بين بين على أصلهما ولا يمنع من ذلك كون الواو ساكنة قبلها؛ فإنها لو كانت ألفا لما امتنع جعلها بين بين بعدها لغة على ما يأتي فالواو قريبة منها والله أعلم.

قال مكي: ذكر عن قالون فيها أنه يجعل الأولى كالياء الساكنة، قال: والأحسن الجاري على الأصول إلقاء الحركة ولم يرو عنه، ويليه في الجواز الإبدال والإدغام وهو الأشهر عن قالون وهو الاختيار لأجل جوازه والرواية، قال: فأما البزي فقد روي عنه الوجهان أيضا والاختيار الإبدال والإدغام؛ لجريه على الأصول.

قلت: فهذا آخر الكلام في مذهب من يخفف الهمزة الأولى إما بإسقاط وإما بتسهيل، وذلك في الوصل فلو وقف عليها لحققت الهمزة، وسنذكر ذلك أيضا في سورة البقرة بتوفيق الله تعالى.

٢٠٦-

وَالُاخْرَى كَمَدٍّ عِنْدَ وَرْشٍ وَقُنْبُلٍ ... وَقَدْ قِيلَ مَحْضُ المَدِّ عَنْهَا تَبَدَّلا

مذهب أبي عمرو وقالون والبزي كان متعلقا بالهمزة الأولى ومذهب ورش وقنبل يتعلق بالثانية؛ لأن الثقل عندها حصل وهي المرادة بقوله: "والأخرى" وروي عنهما في تسهيلها وجهان؛ أحدهما: جعلها بين بين؛ لأنها همزة متحركة ما قبلها كذلك قياس تسهيلها وهو المراد بقوله: كمد، والوجه الثاني لم يذكر في التيسير، وهو أن تبدل حرفا ساكنا من جنس حركتها، وهو مذهب عامة المصريين كما فعلوا ذلك في المفتوحتين في كلمة


١ الآية: ٥٣.

<<  <   >  >>