للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما لا خلاف في كسره، وكسر السين مبتدأ ثانٍ، والعائد إلى المبتدأ الأول، وهو يحسب محذوف تقديره كسر السين منه، وسما رضاه خبره، والكسر، والفتح في ذلك لغتان مشهورتان، والفتح هو الجاري على القياس؛ لأن ماضيه مكسور السين، والغالب على الأفعال التي ماضيها كذلك أن مستقبلها بالفتح كـ "علِم يعلَم"، و"شرب يشرب"، وأما إتيان المستقبل بالكسر كالماضي فخارج عن القياس، ولم يأت إلا في أفعال يسيرة منها حسب ونعم وبئس، فهذا معنى قوله: ولم يلزم قياسًا مؤصلًا أصلته العرب وعلماء العربية، وفاعل يلزم ضمير يرجع على يحسب؛ أي: لو لزم القياس لكانت سينه مفتوحة، واختار أبو عبيد قراءة الكسر، وذكر حديثا عن لقيط بن صبرة قال: كنت وافد بني المنتفق إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبينا نحن عنده إذ روح الراعي غنمه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ما أولدت" قال: بهمة قال: "اذبح مكانها شاة"، ثم قال: "لا تحسبن" -ولم يقل لا تحسبن أنا من أجلك ذبحناها- قال أبو عبيد: بالكسر نقرؤها في القرآن كله اختيارا لما حفظ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لغته واتباعا للفظه والله أعلم.

٥٣٧-

وَقُلْ فَأْذَنُوا بِالمَدِّ وَاكْسِرْ "فَـ"ـتىً "صَـ"ـفَا ... وَمَيْسَرَةَ بِالضَّمِّ في السِّينِ "أُ"صِّلا

فتى صفا حال من الضمير في واكسر، وأراد كسر الذال وبالمد أراد به ألفا يزيدها بعد الهمزة، ويلزم من ذلك تحريك الهمزة، والعبارة مشكلة على من لا يعرف القراءة؛ إذ قد يفهم أن الكسر في الهمزة، فيكون المد بعدها ياء أو يريد بالمد الألف بعد الألف التي هي بدل من الهمزة الساكنة، ويكون الكسر في الذال، فيلبس ذلك على من لا يعرف، فيحتاج إلى موقف، ولو قال: ومد وحرك فأذنوا اكسر فتى صفاه، لظهر الأمر، فقراءة حمزة وأبي بكر من الأعلام؛ أي: فأعلِموا م وراءكم بحرب من الله؛ لأن آذن بمعنى أعلم، وقراءة الجماعة من أذن به؛ أي: علم به فهو أذين؛ أي: كونوا على إذن بحرب من الله ورسوله، وأما ميسرة بالفتح والضم فلغتان، والفتح أفصح وأشهر وأقيس، وهي اختيار أبي عبيد وغيره والله أعلم.

٥٣٨-

وَتَصَّدَّقُوا خِفٌّ "نَـ"ـمَا تُرْجَعُونَ قُلْ ... بِضَمٍّ وَفَتْحٍ عَنْ سِوى وَلَدِ العُلا

يريد {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ١، وأصله تتصدقوا، فحذف عاصم إحدى التاءين وغيره أدغم الثانية في الصاد، فمن ثم جاء التشديد، وأراد: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ} ٢، والخلاف فيه على ما سبق معناه في ترجع الأمور.


١ سورة البقرة، الآية: ٢٨٠.

<<  <   >  >>