للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سهل الله إتمامه، وأما: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} ١؛ فالرفع فيه هو الوجه الأقوى عند النحويين على البدل من فاعل فعلوه كأنه قال: ما فعله إلا قليل منهم ولو كان بهذه العبارة لم يكن إلا بالرفع، ومعنى اللفظين واحد، والنصب جائز على أصل باب الاستثناء كما في الإيجاب لو قلت: فعلوه إلا قليلا لم يجز إلا النصب، وقد أجمعوا على رفع: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} ٢.

واختلفوا في: {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ} ٣.

وفيه بحث حسن سيأتي إن شاء الله تعالى، قوله: ورفع قليل؛ أي: مرفوعه وهو اللام الأخيرة كلّل النصب؛ أي: بالنصب؛ أي: جعل له كالإكليل وهو التاج أو يكون من قولهم: روضة مكللة؛ أي: محفوفة بالنور، فيكون قوله: رفع على ظاهره ليس بمعنى مرفوع؛ يعني: أن النصب في مثل هذا تابع للرفع كالنور التابع للروضة؛ لأن أصل هذا الباب عند النحويين البدل كما ذكرنا، فكأن النصب طارئ على ما هو وجه الكلام وأصله.

٦٠٢-

وَأَنِّثْ يَكُنْ "عَـ"ـنْ "دَ"ارِمٍ "تظْلَمُونَ غَيْـ ... ـبُ شُهْدٍ "دَ"نَا إِدْغَامُ بَيَّتَ "فِـ"ـي "حُـ"ـلا

يعني: "كأن لم يكن بينكم وبينه مودة"٤.

التأنيث لأجل لفظ مودة، والتذكير لأجل الفصل الواقع بين الفعل والفاعل مع أن المودة بمعنى الود والدارم الذي يقارب الخطا في مشيه؛ أي: القراءة منقولة عن شيخ هذه صفته ودارم أيضا: اسم قبيلة من تميم وليس ابن كثير منهم، خلافا لما وقع في شرح الشيخ -رحمه الله- وقد بينا الوهم في ذلك في الشرح الكبير في ترجمة ابن كثير، وأما: {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} ٥، {أَيْنَمَا تَكُونُوا} ٦، فقرئ بالغيب؛ ردًّا على ما قبله من قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ} ٧ إلى آخر الآية، والخطاب على الالتفات وإن كان المراد: قل لهم فالغيب والخطاب من باب قولك: قل لزيد لا يضرب ولا تضرب بالياء والتاء، ومنه ما سبق.


١ سورة النساء، آية: ٦٦.
٢ سورة النور، آية: ٦.
٣ سورة هود، آية: ٨١.
٤ سورة النساء، آية: ٧٣.
٥ و٦ سورة النساء، آية: ٧٧ و٧٨.
٧ سور النساء، آية: ٧٢.

<<  <   >  >>