للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: ذلك القدر اليسير هو الفارق؛ لأنه هو القائم مقام الحركة وما ليس فيه ذلك اليسير فلا حركة فيه ولا ما يقوم مقامها فلا ينبغي أن يتكلف جوازه، وصحته مع عسره على اللسان أو استحالته، وقد سبق في "نعما هي" تحقيق ذلك أيضا، وإنكار أبي علي وغيره من أئمة العربية جواز إسكان العين، وعجبت منه كيف سهل أمره هنا، قال ابن النحاس: لا يجوز إسكان العين والذي يقرأ بهذا إنما يروم الخطأ، قال الحوفي: وهذا شيء لا يجوز، ولعل القارئ بذلك أراد الإخفاء، فتوهم عليه الإسكان والله أعلم.

٦١٣-

وَفي الأَنْبِيا ضَمُّ الزَّبُورِ وَههُنا ... زَبُورًا وَفي الإِسْرا لِحَمْزَةَ أُسْجِلا

أسجلا؛ أي: أبيح لحمزة القراءة به، والمسجل المطلق المباح الذي لا يمتنع عن أحد، وأسجل الكلام إذا أرسله من غير تقييد وفتح الزاي من الزبور وضمها لغتان في اسم الكتاب المنزل على داود عليه السلام، وإن كانت اللفظة عربية، وهما مصدران سمي بهما الزبور وهو المكتوب يقال: زبر إذا كتب، ويقال: زبرت الكتاب إذا أحكمت كتابته، وقال مكي: زبرت الكتاب؛ أي: جمعته فهو مثل تسمية المكتوب كتابا، ومثل الزبور بالفتح القبول وبالضم الشكور، وقيل: المفتوح يصلح للمفرد والجمع كالعدو، وذكر أبو علي في المضموم وجهين؛ أحدهما: أنه جمع زبرا وقع على الزبور اسم الزبر كقولهم: ضرب الأمير ونسج اليمن ثم جمع الزبر على زبور كما جمع الكتاب على كتب، والآخر أن يكون جمع زبور على تقدير حذف الحرف الزائد وهو الواو، ولا ضرورة إلى هذا التكلف، ووقع في شرح الشيخ أنه جمع زبر وهو الكتاب كقدر وقدور، وقال مكي: هو جمع زبر كدهر ودهور.

قلت: الإفراد وجهه ظاهر؛ لأن المتيقن كتاب واحد أنزل على داود اسمه الزبور. كالتوراة والإنجيل والقرآن، أما وجه الجمع إن كان مرادا فله معنيان؛ أحدهما: أن الجمع توجه إلى أنواع ما فيه فكل نوع منها زبر والآخر أن يكون نزل على داود صحف متعددة كما جاء: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} ١.

وليس في سورة النساء شيء من ياءات الإضافة ولا ياءات زوائد المختلف فيها والله أعلم.


١ سورة الأعلى، آية: ١٩.

<<  <   >  >>