للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخلق الشمس والقمر والنجوم مسخرات، فيكون نصب مسخرات على الحال أو يكون على إضمار جعل فيكون مسخرات مفعولا به فقوله: "وَالشَّمْسَ" أدخلا واو العطف الفاصلة على واو التلاوة، وأطلق لفظ الشمس ولم يقيد حركتها؛ ليعلم أنها رفع، ثم قال: مع عطف الثلاثة يعني: بالثلاثة "وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَات"، وهذه الثلاثة منها اثنان معطوفان وثالث وهو "مُسَخَّرَات" ليس معطوفا، لكنه في حيز ما عطف، فأعطاه حكمه، فلهذا قال: مع عطف الثلاثة؛ أي: مع الثلاثة المتصفة بالعطف فهو من باب سحق عمامة؛ أي: عمامة موصوفة بأنها سحق؛ أي: ذات سحق بمعنى بالية فكذا هذه الثلاثة موصوفة بأنها ذات عطف؛ أي: معطوفة، وقوله: كمل الرفع في الأربعة، والفاعل هو القارئ أو هذا اللفظ؛ لأن التكميل فيه كما سبق في خاطب.

٦٨٨-

وَفِي النَّحْلِ مَعْهُ فِي الأَخِيرَيْنِ حَفْصُهُمْ ... وَنُشْرًا سُكُونُ الضَّمِّ فِي الكُلِّ "ذَ"لِّلا

معه؛ أي: مع ابن عامر في رفع الأخيرين حفص؛ أي: وافقه على رفع: {النُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} في سورة النحل، ولم يوافقه على رفع: {وَالشَّْسَ وَالْقَمَرَ} في النحل، ولا على رفع الأربعة هنا في عبارة الناظم نظر، وذلك أنها لا تخلو من تقديرين وكلاهما مشكل أحدهما أن يكون تقدير الكلام حفص وابن عامر على الرفع في الأخيرين في النحل فهذا صحيح، ولكن لا يبقى في نظمه دلالة على أن ابن عامر يرفع الأولين في النحل؛ لأن لفظه في البيت الأول لم يأتِ فيها مما يدل على الموضعين ولفظه في هذا البيت لم يتناول لا الأخيرين، والتقدير الثاني أن يكون في النحل متعلقا بالبيت الأول كأنه قال: برفع هذه الأربعة هنا، وفي النحل ثم ابتدأ، وقال: معه في الأخيرين حفص، وهذا وإن كان محصلا لعموم رفع الأربعة في الموضعين لابن عامر فلا يبقى في اللفظ دلالة على أن حفصا لم يوافقه لا على رفع الأخيرين في النحل فقط بل يبقى ظاهر الكلام أن حفصا موفقة على رفع الأخيرين في الموضعين، فلو قال: وفي النحل حفص معه ثم في الأخيرين نشرا إلى آخر البيت لاتضح المعنى بقوله: ثم؛ لدلالته على تخصيص موافقة حفص مما في النحل فقط، والذي في النحل هو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} ١، فرفع الأربعة ظاهر على ما سبق، ورفع الأخيرين على الابتداء والخبر والشمس والقمر نصبهما على ما توجه به نصب الأربعة وذلك بفعل مضمر وهو: وخلق الشمس أو وفعل الشمس وما بعدهما، فيكون "مسخرات" حالا أو مفعولا به كما مضى أو يقدر هذا الفعل قبل والنجوم، ويكون الشمس والقمر معطوفين على الليل والنهار، وإنما لم نقل ذلك في: "والنجوم مسخرات"؛ لأن الفعل الناصب هو: وسخر، فيصير المعنى: وسخر النجوم مسخرات وهذا غير مستقيم، ويجوز أن يكون المعنى: ونتعلم هذه الأشياء في حال كونها مسخرات لما خلقن له، أو يكون مسخرات بمعنى تسخيرات فيكون مصدرا؛ أي: سخرها أنواعا من التسخير كقوله: سرحه مسرحا، ووقع في تفسير الواحدي خلل في نقل قراءة حفص في النحل، فقال: وقرأ حفص مسخرات بالرفع وحدها، وجعلها خبر مبتدأ محذوف كأنه قال: هي مسخرات، وأما نشرا من قوله تعالى:


١ سورة النحل، آية: ١٢.

<<  <   >  >>