للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عناد عم، وحكم صحاب قصر همزة جاءنا، وقد سبق في شرح الخطبة الكلام على هذا، وقوله: "هنا" احترازًا من الذي في الشعراء؛ فإنه بالاستفهام اتفاقا كقراءة الباقين هنا، وأما: {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى} ١، ففي واوه الإسكان والفتح؛ فالإسكان على أنها حرف أو؛ أي: أفأمنوا هذا أو هذا، وقراءة الجماعة على أنها واو العطف دخلت عليها همزة الاستفهام وهو استفهام بمعنى النفي، وقوله: الإسكان: مبتدأ ثانٍ والعائد إلى الأول محذوف؛ أي: الإسكان فيه ومعنى كلا: حفظ وحرس والله أعلم.

٦٩٣-

عَلَيَّ عَلَى "خَـ"ـصُّوا وَفي سَاحِرٍ بِهَا ... وَيُونُسَ سَحَّار "شَـ"ـفَا وتَسَلْسَلا

أي خصوا علي موضع على في قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ} ٢.

فقراءة نافع واضحة؛ أي: واجب على قول الحق وأن لا أقول على الله غيره، وعلى فى قراءة الجماعة متعلقة برسول وحقيق صفته؛ أي: أني رسول على هذه الصفة، وهي أني لا أقول إلا الحق وحقيق بمعنى حق؛ أي: أنا رسول حقيقة، ورسالتي موصوفة بقول الحق، قال ابن مقسم: حقيق من نعت الرسول؛ أي: رسول حقيق من رب العالمين أرسلت على أن لا أقول على الله إلا الحق، وهذا معنى صحيح واضح، وغفل أكثر المفسرين من أرباب اللغة عن تعلق حرف على برسول، ولم يخطر لهم تعلقه إلا بقوله: حقيق، فقال الأخفش والفراء: على بمعنى الباء؛ أي: حقيق بأن لا أقول إلا الحق كما جاءت الباء بمعنى على في: {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ} ٣، وتبعهما الأكثرون على ذلك، وذكر الزمخشري أربعة أوجه أخر.

أحدها: أن يكون من المقلوب لا من الإلباس كقوله:

وتشقي الرماح بالضياطرة الحمر

ومعناه: وتشقي الضياطرة بالرماح؛ يعني: فتكون بمعنى قراءة نافع؛ أي: قول الحق حقيق علي، فقلب اللفظ، فصار أنا حقيق على قول الحق، قال: والثاني: أن ما لزمك فقد لزمته فلما كان قول الحق حقيقا عليه، كان هو حقيقا على قول الحق؛ أي: لازما له.

والثالث: أن تضمن حقيق معنى حريص كما ضمن هيجني معى ذكرني في بيت الكتاب: يعني قوله:

إذا تغنى الحمام الورق هيجني ... ولو تغربت عنها: أم عمار


١ سورة الأعراف، الآية: ٩٨.
٢ سورة الأعراف، الآية: ١٠٥.
٣ سورة الأعراف، الآية: ٨٦.

<<  <   >  >>