للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَأَدْلَى دَلْوَهُ} ١.

واجتزى الشاطبي بقوله: دلا عن أن يقول: أدلى فدلا؛ لأنه لا يوصف بأنه دلا إلا بعد أن يكون أدلى دلوه، وقال صاحب الصحاح: قد جاء في الشعر: الدالي بمعنى المدلى، فإذا كان الأمر كذلك ظهر قول الناظم: داي لا إلى صفوه بمعنى أدلى دلوه إليه، والله أعلم.

٧٦٧-

وَفِيها وَفِي يس وَالطَّارِقِ العُلا ... يُشَدِّدُ لَمَّا كَامِلُ نَصَّ فَاعْتَلا

العلى: نعت للطارق، وفي جعله نعتا للسور الثلاث نظر من جهة أن بعضها معبر عنه بالضمير، والمضمر لا يوصف، فأشار إلى قوة قراءة من شدد لما بقوله: كامل نص فاعتلا، فالقراءات في هاتين الكلمتين: "أن"، و"لما"، أربع: تخفيفهما لنافع وابن كثير تشديدهما لابن عامر وحمزة، وحفص تخفيف "إن"، وتشديد "لما" لأبي بكر وحده تشديد "إن" وتخفيف "لما" لأبي عمرو والكسائي، فمن شدد "إن" وخفف "لما" فاللام في "لما" هي التي تدخل فيما كان في خبر "إن"، واللام في: {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} جواب قسم محذوف، ومثله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} ٢.

غير "أن" اللام في لمن داخلة على الاسم، وفي "لما" داخلة على موضع الخبر، وقام القسم وجوابه مقام الخبر و"ما" في "لما" زائدة؛ لتفرق بين اللامين؛ لام التوكيد ولام القسم، وقيل: بمعنى الذي وزاد بعضهم، فجعلها بمعنى "من"، وقيل: اللام في "لما" موطئة للقسم مثل: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} ٣.

والمعنى: وإن جميعهم والله ليوفينهم ربك أعمالهم من حسن وقبح وإيمان وجحود فهذا تعليل قراءة أبي عمرو والكسائي، قال الفراء: جعل ما اسما للناس كما جاز: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ٤.

ثم جعل اللام التي فيها جوابا؛ لأن وجعل اللام التي في "ليوفينهم" لامًا دخلت على نية يمين فيما بين "ما" وصلتها كما تقول: هذا مَن ليذهبن وعندي: ما لغيره خير منه ومثله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} .

ثم قال بعد ذلك ما يدل على أن اللام مكررة فقال: إذا عجلت العرب باللام في غير موضعها أعادوها إليه نحو: إن زيدا لإليك لمحسن ومثله:


١ سورة يوسف، آية: ١٩.
٢ سورة النساء، آية: ٧٣.
٣ سورة الزمر، آية: ٦٥.
٤ سورة النساء آية: ٣.

<<  <   >  >>