للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحذف الياء عند الياء، أنشدني الكسائي شعرا:

وأشمتّ العداة بنا فأضحوا ... لديّ تباشرون بما لقينا

معناه يتباشرون، فحذف ياؤه؛ لاجتماع الياءات قلت: الأولى أن يقال: حذفت ياء الإضافة من لدى، فبقيت الياء الساكنة قبلها المنقلبة عن ألف لدى، وهو مثل قراءة: "يا بني" بالإسكان على ما سبق، أما الياء من يتباشرون فثابتة؛ لدلالتها على المضارعة قال ومثله كأن من آخرها القادم يريد إلى القادم، فحذف عند اللام اللام الأولى، قلت: لأن آخر "إلى" حذف لالتقاء الساكنين، وهمزة الوصل من القادم تحذف في الدرج، فاتصلت لام "إلى" بلام التعريف في القادم، فحذفت الثانية على رأيه، والأولى أن يقال: حذفت الأولى؛ لأن الثانية دالة على التعريف، فلم يبق من حروف "إلى" غير الهمزة، فاتصلت بلام القادم، فبقيت الهمزة على كسرها وهذا قريب من قولهم: "ملكذب".

في "من الكذب"، "وبالعنبر"، في بني العنبر، و"عَلْمَاء" بنو فلان؛ أي: على الماء.

القول الثاني: قال الزجاج: زعم المازني أن أصلها "لما" بالتخفيف ثم شددت الميم قال: وهذا ليس بشيء؛ لأن الحروف نحو "رب"، وما أشبهها تخفف، ولسنا نثقل ما كان على حرفين.

الثالث: قال النحاس: قال أبو عبيد القاسم بن سلام: الأصل: "وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ" بالتنوين من لممته لما؛ أي: جمعته، ثم بني منه فعلى كما قرئ: "ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا" بغير تنوين وبتنوين.

قلت: الذي في كتاب القراءات لأبي عبيد: وروي عن بعض القراء: "وَإِنَّ كُلًّا لَمًّا" منونة، يريد: جميعا قال: وهي صحيحة المعنى، إلا أنها خارجة عن قراءة الناس، وقال الفراء: المعنى: {وَإِنَّ كُلًّا} شديدًا: {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} ، وإن كلا حقا "ليوفينهم" وقال أبو علي: وقد روي أنه قرئ: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا} منونا كما قال: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} ، فوصف بالمصدر وينبغي أن يقدر المضاف إليه كل نكرة؛ ليحسن وصفه بالنكرة، ولا يقدر إضافته إلى معرفة فيمتنع أن تكون لما وصفا له، ولا يجوز أن تكون حالا؛ لأنه لا شيء في الكلام عامل في الحال قال: فإن قال إن لما فيمن ثقل إنما هي لما هذه وقف عليها بالألف، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف فذلك مما يجوز في الشعر، قال ابن جني: معنى لما بالتنوين توفية جامعة لأعمالهم جمعا، ومحصلة لأعمالهم تحصيلا فهو كقولك: قياما لأقومن وقعودا لأقعدن، قال الشيخ أبو عمرو -رحمه الله: استعمال لما في هذا المعنى بعيد، وحذف التنوين من المنصرف في الوصل أبعد، قال: وقيل: لما فعْلَى من اللم ومنع الصرف لأجل ألف التأنيث، والمعنى فيه مثل مضى لما المنصرف قال وهذا أبعد إذ لا تعرف لما فعلى بهذا

<<  <   >  >>