للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجميع واقع في أنه واحد على لفظ واحد، وما نظمه صاحب القصيدة "أءذا" أءنا إلا في موضعين في النازعات، فإنه في آيتين متجاورتين، ولفظه على عكس ما ذكره وهو "أإنا"، و"أإذا" والذي في العنكبوت في آيتين، ولكنه بلفظ آخر متَّحِدٌ، وهو "أإنكم"، "أإنكم" فما أراد الناظم بقوله: نحو "أإذا" "أإنا" إلا تشبيه تعاقب الاستفهامين على ما بيناه، فإن قلتَ: قد تكرر في سورة والصافات يقول: {أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ، أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ} ، فيأخذ الوسط مع الذي قبله أم الذي بعده؟ قلتُ: بل مع الذي بعده؛ فإنهما اللفظان، ونص عليهما الناظم فلا معدل عنهما إلا إذا لم يجدهما كما في العنكبوت كيف وإن أتتك قد تقدم ذكرها في باب الهمزتين من كلمة فإن لم يذكر ثَم شيئا من الاستفهامين، وإن كان الجميع لا خلف عن هشام في مده، وضابطه أن يتكرر الاستفهام وفي كل واحد همزتان وإلا فقد يوجد أحد الشرطين ولا يكونا من هذا الباب، بيانه أن المتكرر يوجد وليس في كل واحد همزتان، كالذي في قصة لوط في سورة الأعراف: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} ، {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ} ، فهذا استفهام مكرر لكن الأول همزة واحد، ولثاني كذلك في قراءة نافع وحفص وفي قراءة غيرهما، ويوجد الهمزتان ولا يكرر وهذا كثير نحو: {أَإِنَّ لَنَا لَأَجْرًا} ، {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} ، {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} .

كل ذلك يقرأ بالاستفهام والخبر، وليس من هذا الباب ومنه ما أجمع فيه على الاستفهام نحو: {أَإِذَا مَا مِتّ} ، {أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا} ، {أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} ، {أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ} ، ولفظ الناظم بقوله: "أئذا"، "أئنا" مد الأول وقصر الثاني لأجل الوزن وكلاهما قرئ به كما بينه ولكن لم يخص أحد بالمد الأول دون الثاني بل منهم من مدهما ومنهم من قصرهما في جميع هذه المواضع ثم بين النظام اختلاف القراء في هذا الاستفهام المكرر على الصفة المذكورة فقال فذو استفهام الكل أولا؛ أي: كل القراء يقرأ أول بلفظ الاستفهام؛ أي: بهمزتين والتحقيق والتسهيل يوجدان من أصولهم في ذلك ونصب قوله: أولا على الظرف؛ أي: أول الاستفهامين يدل على ذلك أنه قال بعد ذلك: وهو في الثاني؛ أي: والإخبار في اللفظ الثاني على ما سنبينه، ولو كان قال الأول بالألف واللام، ولو نصبه على أنه مفعول بالاستفهام؛ لأنه مصدر لكان جائزا، ويكون معنى استفهموه جعلوه بلفظ الاستفهام، فقوله: الكل مبتدأ، وذو استفهام خبره مقدم عليه، والجملة خبر وما كرر استفهامه والعائد إليه محذوف؛ أي: الكل ذو استفهام فيه أولا ويجوز أن يكون المعنى كله ذو استفهام على أن يكون الكل عبارة عن المواضع لا عن القراء والمعنى الأول لقوله: بعده سوى نافع، وعلى المعنى الثاني: نحتاج أن يقدر للقراء سوى نافع والله أعلم.

٧٩٠-

سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ وَالشَّامِ مُخْبِرٌ ... سِوَى النَّازِعَاتِ مَعْ إِذَا وَقَعَتْ وِلا

أي: استثنى نافع وحده الذي في النمل، فقرأ الأول فيه بالإخبار؛ أي: بهمزة واحدة:

<<  <   >  >>