للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ما سبق بيانه هنالك وشد علا من شاد البناء إذا رفعه وطلاه بالشيد وهو الجص: وعلا: جمع عليا أو مفرد.

٨٥٢-

وَيَأْجُوجَ مَأْجُوجَ اهْمِزِ الكُلَّ "نَـ"ـاصِرًا ... وَفِي يَفْقَهُونَ الضَّمُّ وَالكَسْرُ "شـ"ـكِّلا

يعني بالكل: هنا وفي الأنبياء، وهما اسمان أعجميان لطائفتين عظيمتين قيل: لا يموت الواحد منهم حتى يخلف من صلبه ألفا، ومصداق هذا من الحديث الصحيح لما ذكر نعت النار قال: "إن منكم واحدا ومن يأجوج ومأجوج ألفا"، وقيل: يأجوج اسم لذكرانهم ومأجوج اسم لإناثهم، وهما على أوزان كثير من أعلام العجمة، كطالوت وجالوت وداود وهاروت وماروت فالألف فيهما كالألف في هذه الأسماء، أما همز هذه الألف فلا وجه له عندي إلا اللغة المحكية عن العجاج أنه كان يهمز العالم والخاتم، وقد حاول جماعة من أئمة العربية لهما اشتقاقًا كما يفعلون ذلك في نحو: آدم ومريم وعيسى على وجه الرياضة في علم التصريف وإلا فلا خفاء أنها كلها أعجمية، وهذه طريقة الزمخشري وغيره من المحققين، وأقرب ما قيل في اشتقاقها أن يأجوج من الأج وهو الاختلاط وسرع العدو أو من أجيج النار فوزن يأجوج يفعول ومأجوج مفعول فيكون الهمز فيهما هو الأصل وتركه من باب تخفيف الهمز، وقيل: مأجوج من ماج يموج إذا اضطرب، ويشهد لهذه المعاني ما وصفهم الله تعالى به فإفسادهم في الأرض على وجه القهر والغلبة يشبه تأجج النار والتهابها عاصية على موقدها وكونهم: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} يناسب سرعة العدو، وكون: "بعضهم يموج في بعض" هو الاختلاط فالمانع لهما من الصرف هو العجمة مع العلمية، وإن قيل: هما عربيان فالتأنيث عوض العجمة؛ لأنهما اسمان لقبيلتين ويفقهون بفتح الياء والقاف؛ أي: لا يفقهون؛ لجهلهم بلسان من يخاطبهم وبضم الياء وكسر القاف لا يفهمون غيرهم قولا لعجمة ألسنتهم فالمفعول الأول محذوف نحو: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} أو الألف في شكلا للضم والكسر أي: جعلا شكلا في يفقهون:

٨٥٣-

وَحَرِّكْ بِها وَالمُؤْمِنينَ وَمُدَّهُ ... خَرَاجًا "شَـ"ـفَا وَاعْكِسْ فَخَرْجُ "لَـ"ـهُ "مُـ"ـلا

خراجًا مفعول حرك؛ أي: بهذه السورة وبسورة المؤمنين أراد فتح الراء ومد ذلك الفتح فيصير ألفا والقراءة الأخرى بإسكان الراء؛ لأنه ضد التحريك، وإذا بطلت الحركة بطل مدها، والخرج والخراج واحد كالنول والنوال؛ أي: جعلا يخرج من الأموال فالذي هنا: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا} ، والذي في المؤمنين: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا} ١، وقوله: واعكس فخرج؛ يعني: الثاني في سورة المؤمنين: {فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} ٢؛ أي: اقرأه لابن عامر وحده بالإسكان والقصر،؛ أي: ما يعطيه الله سبحانه خير مما يعطيه هؤلاء، فقد صار في حرفي المؤمنين ثلاث قراءات مدهما لحمزة والكسائي وقصرهما لابن عامر ومد الأول وقصر الثاني للباقين، أما مد الأول وقصر الثاني فلا والله أعلم وقد مضى معنى ملا وأنه جمع ملاءة وهي الملحفة ويمكن به الحجة؛ لأنها جبة وسترة:


١ و٢ سورة المؤمنون، آية: ٧٢.

<<  <   >  >>