لأن الكسرة كأنها وليت الراء من جهة أن المدغم فيه كالحرف الواحد فالمدغم كالذاهب، ورقق أبو الحسن ابن غلبون جميع الباب إلا:"مِصْرًا"، و"إِصْرًا"، و"قِطْرًا"؛ من أجل حرف الاستعلاء فألزمه الداني:"وَقْرًا".
ومنهم من لم يرقق إلا "صهرا"؛ لخفاء الهاء وفخم أبو طاهر بن أبي هاشم وعبد المنعم بن غلبون وغيرهما أيضا من المنون نحو:"خَبِيرًا"، و"بَصِيرًا"، و"مُدْبِرًا"، و"شاكرا"، مما قبل الراء فيه ياء ساكنة أو كسرة فكأنه قياس على:"ذِكْرًا"، و"سِتْرًا".
قال الداني: وكان عامة أهل الأداء من المصريين يميلونها في حال الوقف؛ لوجود الجالب؛ لإمالتها في الحالين، وهو الياء والكسرة وهو الصواب وبه قرأت وبه آخذ، وقال في:"ذِكْرًا" و"سِتْرًا". أقرأني ذلك غير أبي الحسن بن غلبون بالفتح وعليه عامة أهل الأداء من المصريين وغيرهم، وذلك على مراد الجمع بين اللغتين. قلت: فحصل من هذا أن المنصوب المنون الذي قبل رائه ما يسوغ ترقيقها على ثلاثة أقسام:
ما يرقق بلا خلاف، وهو نحو:"سرا" و"مستقرا".
وما يرقق عند الأكثرين وهو نحو:"خَبِيرًا"، و"شَاكِرًا".
وما يفخم عند الأكثر وهو نحو:"ذِكْرًا"، و"سِتْرًا".
وقلت في ذلك بيتا جمع الأنواع الثلاثة على هذا الترتيب وهو:
وسرا رقيق قل خبيرا وشاكرا
للَاكثر ذكرا فخم الجلة العلا
وكأنهم اختاروا تفخيم هذا النوع؛ لأنه على وزن ما لا يمال نحو: