للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- قتلة عثمان وخاذلوه: ⦗١٨٦⦘

أجمع أهل السنة على أن عثمان كان إماماً على شرط الاستقامة إلى أن قُتل. وأجمعوا على أن قاتليه قتلوه ظلماً، فإن كان فيهم من استحل دمه فقد كفر. ومن تعمد قتله من غير استحلال كان فاسقاً غير كافر. والذين هجموا عليه واشتركوا في دمه معروفون بقطع بفسقهم، منهم محمد بن أبي بكر، ورفاعة بن رافع، والحجاج بن غزنة، وعبد الرحمن بن خصل الجمحي، وكنانة بن بشر النخعي، وسندان بن حمران المرادي، وبسرة بن رهم، ومحمد بن أبي حذيفة، وابن عتيبة، وعمرو بن الحمق الخزاعي.

وأما الذين قعدوا عن نصرة عثمان فهم فريقان: فريق كانوا معه في الدار فدفعوا عنه كالحسن بن علي بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن عمر، والمغيرة بن الأخنس، وسعيد بن العاص، وسائر من كان في الدار من موالي عثمان، إلى أن أقسم عليهم بترك القتال وقال لغلمانه: "من وضع السلاح فهو حر". فهؤلاء أهل طاعة وبر وإحسان. والفريق الثاني من القعدة عن نصرته فريقان: فريق أرادوا نصرة عثمان فنهاهم عثمان عنها، كعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وأسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة، وعبد اللَّه بن سلام. فهؤلاء معذورون لأنهم قعدوا عنه بأمره. والفريق الثاني: قوم من السوقة أعانوا الهاجمين فشاركوهم في الفسق واللَّه حسبهم.

ودليلنا على براءة عثمان مما قذف به ورود الروايات الصحيحة بشهادة الرسول له صلى اللَّه عليه وسلم بالجنة عند تجهيز جيش العسرة، وما روي من أنه يدخل الجنة بلا حساب، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن. وقد روي أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم صعد جبل حراء، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فقال: "اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صدّيق أو شهيد" (١) . وفي هذا دليل على أن عثمان قُتل شهيداً، ودليل صحة إمامته إجماع الأمة بعد عمر أن الإمامة لواحد من أهل الشورى وكانوا ستة، فاجتمع خمسة عليه فحصل إجماع الأمة على إمامته (٢) .


(١) رواه الدارقطني في (ج ٤/ص ١٩٨) .
(٢) أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي. أصول الدين (م ١/ص ٢٨٧ ٢٨٩) ، ط ١، استنابول سنة ١٣٤٦ هـ ١٩٢٨ م.

<<  <   >  >>