للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتِلكَ التي أَرضَيْتُ بالمالِ أَهْلَها ... وما كُلُّ ذي بَيعٍ من الناس يَرْبَحُ

جَرَتْ يوم سِرْنا عامِدين لأَرضِها ... عُقَابٌ وشَحَّاجٌ من الطيرِ مِتيَحُ

فأَما العُقابُ فهي منها عُقوبَةٌ ... وأَما الغرابُ فالغريبُ المُطَرَّحُ

أُلاقِي الأَذى والبَرْحَ من أمِّ حَازمٍ ... وما كنتُ أَلقَى من رَزِينةَ أَبْرَحُ

وهي طويلة. وقال " صاحب جيداء ":

جزاكِ اللهُ يا جيداءُ شرّاً ... لبذِلةِ أَهْلِ بيْتٍ أَو لِصَوْنِ

تُعينُ عليَّ دَهْري ما استطاعت ... وليستْ لي على دَهرِي بِعَوْنِ

وزعمت أنه لا يلتفت إلى كلام الغافر، ويحب أن يغفر له.

فويلك، ما الذي عنيت بالغافر؟ أرجلاً من بني آدم أم سواه؟ إنك لتقول قولاً عظيماً.

وزعمت في حكايتك عن هذا الرجل، أنه كان إذا مات عن أم الولد سيدها فتزوجت، أجاز لها أن تبيع زوجها من اليهودي والمسلم والنصراني.

فهذا أمر ما ذكره صاحب خبر ولا راوي سنة. وكيف يجيز قاضي عدل أن تبيع المرأة زوجها من اليهودي والمسلم والنصراني، والملك والزوجية لا يجتمعان؟ ما أحسب فاركاً من الفوارك بلغ بها الفرك المتظاهر إلى بيع الزوج. وقد سبق من القول أن الملك والزوجية لا يجتمعان.

وفي الطلاق مندوحة إذا رغبت فيه المرأة. وقد روى أن " دختنوس ابنة لقيط " كانت عند " عمرو بن عدس " وكان شيخاً كبيراً وبه وضح. فوضع يوماً رأسه في حجرها فسمعت جخيفة، أي غطيطه، فقالت: اللهم أرحني منه. فوقعت كلمتها في أذنه فطلقها، فتزوجت شاباً من بني عمها، وكان الشاب فقيراً. فمضت تستسقي لبناً من " عمرو فقال: " الصيف ضيعت اللبن " فذهبت مثلاً. فقالت: " هذا ومذقه، خير " فذهبت مثلاً أيضاً.

ولو تزوجت " الخنساء " " دريداً " لم يخطر ببالها بيعه.

وإن كانت قد هجته فقالت:

مَعَاذَ اللهِ يَنكِحُني حَبَركَى ... قصيرُ الشَّبْرِ من جُشَم بنِ بَكرِ

يَرى مَجْداً ومكرُمةً أَتاها ... إِذا عَشَّى الصديقَ جريمَ تَمْرِ

لَئِنْ أَصبحتُ في جُشَمٍ هَدِيّاً ... لقد أَودى الزمانُ إِذاً بِصَخْرِ

وقال:

وقاكِ اللهُ يا ابنةَ آل عَمْرٍو ... من الفِتْيانِ أَمثالِي ونَفْسِي

ولا تَلِدِي ولا يَنكِحْكِ مِثْلِي ... إِذا ما ليلةٌ طرقَتْ بِنَحْسِ

وقالت: إِنه شيخٌ كبيرٌ ... وهل خبَّرتُها أَنى ابنُ أَمْسِ

وأشباه هذا كثير.

وادعيت على أهل " سرمين، وقنسرين " أن أحداً منهم لا يقدر أن يمس ذنب الدجاجة.

فلعلك عنيت دجاجة من الدجاج التي عنى " عبدة " بقوله:

في كَعْبةٍ زانها بانٍ ودَلَّصَها ... فيها ذُبالٌ يُضِيءُ الليلَ مَفتولُ

لدى سُتُورٍ وأَبوابٍ يُزيّنُها ... من جَيِّدِ الرَّقْمِ أَزواجٌ تهاويلُ

فيه الدجاجُ وفيه الأُسْدُ مُخْدَرَةٌ ... في كلِّ شيءٍ يُرى فيه تماثيلُ

ولعمري إن هذا الدجاج المذكور، متعذر على من هو في هذا الزمان أن يمس دجاجة منه، لأنها صور دارسة وتماثيل متغيرة. والبلاد التي كان فيها " عبدة " نائية عن هذه البلاد. ولو سمع هذه المقالة عنك أهل التسرع والخفة من شبان هذين الموضعين، فجاز أن يقصدك بمحلتك أربعون منهم أو خمسون، كلهم قابض على ذنب دجاجة. يكذبونك بذلك ويعلمون الناس تخرصك.

وقلت: ما في الأرض نصراني ولا نصرانية إلا وهو يذم القس وإن كانا يأتيانه فيمن يأتيه، حتى ملك الروم وبطارقته.

فأم القس وأخته وبنته، ألسن من جدملة النصارى؟ وكذلك بنوه وإخوته وأبوه. ولو سألت أقارب القسوس من كل بلد، لجاز ألا يقولوا فيهم إلا خيراً. وإذا كان ملك الروم يذم القس، فما الذي يمنعه من صرفه؟ ولعلك تزعم أنه يخاف من أن يعقده أو يحرم عليه كما تقول النصارى. وإن ذلك لخطل من القول.

وزعمت أن الرجل ب " تنيس " لا يمشي في النعل العربية إلا ومعه بطريقان.

<<  <   >  >>