أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَنْقُرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ عبد الرحمن الأعنق قال: حدثتني امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ بْنِ صَبَّاحٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ أبان ابنة الوازع عن جدها الوازع بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ جَدَّهَا خَرَجَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَخَرَجَ مَعَهُ بِأَخِيهِ لأُمِّهِ يُقَالُ لَهُ: مَطَرُ بْنُ هِلالٍ مِنْ عَنْزَةَ، وَخَرَجَ بِخَالِهِ أَوْ بِابْنِ أُخْتِهِ مَجْنُونٍ وَمَعَهُمُ الأَشَجُّ، وَكَانَ اسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَائِذٍ، فَقَالَ الْمُنْذِرُ لِجَدِّهَا: يَا زَارِعُ، خَرَجْتَ مَعَنَا بِرَجُلٍ مَجْنُونٍ وَفَتًى شَابٍّ لَيْسَ مِنَّا وَافِدِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدعو له عسى أن يعافيه اللَّهُ، وَأَمَّا الْفَتَى الْعَنْزِيُّ فَإِنَّهُ أَخِي لأُمِّي، وَأَرْجُو أَنْ تُصِيبَهُ دَعْوَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَمَا عَدَا أَنْ قَدِمْنَا المدنية فَقِيلَ: هَذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا تَمَالَكْنَا أَنْ وَثَبْنَا عَنْ رواحلنا فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ سِرَاعًا، فَأَخَذْنَا بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ نُقَبِّلُهَا، فَأَنَاخَ مُنْذِرٌ رَاحِلَتَهُ فعقلها، وَتَعَرَّى ثُمَّ عَمَدَ إِلَى رَاحِلَتِنَا فأناخها راحلة راحلة فعقلها، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى عَيْبَةٍ فَفَتَحَهَا فَوَضَعَ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَشَجُّهُ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا أَشَجُّ، إِنَّ فِيكَ لِخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ " فَقَالَ: " أَشَيْءٌ جُبِلْتُ عَلَيْهِ أَوْ شَيْءٌ افْتَعَلْتُهُ؟ " قَالَ: " بَلْ جُبِلْتَ عَلَيْهِ {". قَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى مَا يُحِبُّ اللَّهُ} فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي {إِنِّي جِئْتُ مَعِي بِخَالٍ لِي - أَوِ ابْنِ أُخْتٍ لِي - شَكَّ مَطَرٌ - مُصَابٍ تَدْعُو لَهُ أَنْ يُعَاقِبَهُ اللَّه، وَهُوَ فِي الرِّكَابِ، فَأَتَيْتُهُ وَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعَ الأَشَجُّ، فَفَتَحْتُ عَيْبَتِي فَأَخْرَجْتُ ثَوْبَيْنِ حَسَنَيْنِ وَأَلْقَيْتُ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ وَأَلْبَسْتُهُ إِيَّاهُمَا، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَجِئْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَنْظُرُ نَظَرَ الْمَجْنُونِ} فَقَالَ نبي الله: " اجْعَلْ ظَهْرَهُ مِنْ قِبَلِي " وَأَخَذَ مِنْ مُؤَخِّرِهِ بِمَجَامِعِ رِدَائِهِ، فَرَفَعَ رِدَاءَهُ حَتَّى رَأَيْتُ إِبِطَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ ظَهْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: " اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ " فَالْتَفْتَ يَنْظُرُ نَظَرَ الصَّحِيحِ، ثُمَّ أَقْعَدَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَدَعَا لَهُ وَمَسَحَ وَجْهَهُ، فلم تزل تلك المسحة أَوِ السَّحْنَةِ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَجْهَ عَذْرَاءَ شَبَابًا، فَمَا كَانَ فِي الْقَوْمِ بَعْدُ رَجُلٍ يَفْضُلُ عَلَيْهِ بِعَقْلٍ بَعْدَ دَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثم دعا لنا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute