وَقد ذهب إِلَى جَوَاز الْوَضع قوم من الكرامية بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد الرَّاء على الصَّحِيح، نسبوا إِلَى ابْن كرام فِيمَا لَا يتَعَلَّق بِهِ حكم من الثَّوَاب وَالْعِقَاب ترغيبا للنَّاس فِي الطَّاعَة، وزجرا لَهُم عَن الْمعْصِيَة، وَحمل بَعضهم الحَدِيث الْمَذْكُور:(من كذب عَليّ)
الحَدِيث. على أَنه يَقُول إِنَّه سَاحر أَو مَجْنُون، وتشبث بَعضهم بِرِوَايَة من كذب عَليّ مُتَعَمدا ليضل بِهِ بِهَذِهِ الزِّيَادَة، لِأَنَّهُ كذب لَهُ، لَا عَلَيْهِ. وَهَذَا عجب فَهَذِهِ الزِّيَادَة بَاطِلَة بِاتِّفَاق الْحفاظ، وعَلى تَقْدِير صِحَّتهَا فَهِيَ للتكثير لقَوْله تَعَالَى:{فَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا ليضل النَّاس بِغَيْر علم} . أَو إِن اللَّام لَيست للتَّعْلِيل، بل للصيرورة وَالْعَاقبَة. وَالْمعْنَى على هَذَا يصير كَونه سَببا إِلَى الإضلال وَالْكذب بِمَا لم يخبر بِهِ كذب عَلَيْهِ. وَقد روى الْعقيلِيّ بِضَم الْقَاف بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّد بن سعيد وَكَأَنَّهُ المصلوب الْآتِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَنه قَالَ: لَا بَأْس إِذا كَانَ كَلَام حسن أَن تضع لَهُ إِسْنَادًا.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس الْقُرْطُبِيّ فِي الْمُفْهم شرح مُخْتَصر مُسلم كِلَاهُمَا لَهُ: استجاز بعض فُقَهَاء الْعرَاق نِسْبَة الحكم الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْقيَاس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسْبَة قولية وحكاية نقلية فَيَقُول فِي ذَلِك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا وَكَذَا انْتهى.