وَأما قَول عَليّ بن الْمَدِينِيّ كَانَ لَا يحدث بِالْمَدِينَةِ فَمن هَذَا الْبَاب أَيْضا يحْتَمل أَن يكون لَا يحدث بهَا لما شملهم من ترك الْأَخْذ عَنهُ إِمَّا لِأَنَّهُ لم يكن من أهل هَذَا الشَّأْن أَو لأَنهم علمُوا من طعنه فِي نسب مَالك مَا أوجب ذَلِك وَلذَلِك أنكر أهل النّسَب هَذَا القَوْل وأثبتوا نسب مَالك على مَا كَانَ ينتسب إِلَيْهِ فَقَالَ مُصعب بن عبد الله حَدثنِي أبي عَن أَبِيه مُصعب قَالَ ذكر لعامر بن عبد الله بن الزبير مَالك بن أنس وأعماله وَأهل بَيته فَقَالَ أما إِنَّهُم من الْيمن أما إِنَّهُم من الْعَرَب ذَوُو قرَابَة بالنضر بن بريم قد أثبتنا نسبه فِي بَاب مَالك وَالْوَجْه الَّذِي بِهِ نسبه إِلَى وَلَاء التيميين من تعدى أَو أَخطَأ
وَكَانَ من أَخذ عَن سعد بن إِبْرَاهِيم من الأيمة من غير أهل الْمَدِينَة لم يعرفوا من حَاله مَا عرفه أهل بَلَده من قلَّة حفظه أَو مِمَّا أوجب عِنْدهم ترك حَدِيثه من طعنه فِي نسب مَالك على وَجه يُوجب ذَلِك وَقد أَخذ مَالك مَعَ كَثْرَة توقيه وانتقائه وَعلمه عَن عبد الكريم بن أبي الْمخَارِق الْبَصْرِيّ وَتَركه أهل الْبَصْرَة أَيُّوب وَغَيره فَكَانَ القَوْل قَوْلهم فِيهِ لما كَانُوا أعلم بِحَالهِ
وَقد ترك مَالك مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَأخذ عَنهُ شُعْبَة وَحسن القَوْل فِيهِ فَكَانَ القَوْل قَول مَالك لِأَنَّهُ كَانَ من أهل بَلَده وَكَانَ أعلم بِهِ وَلَا أذهب إِلَى أَن سعد بن إِبْرَاهِيم يجْرِي مجْرى مُحَمَّد بن إِسْحَاق فَإِن سعد بن إِبْرَاهِيم أحسن حَدِيثا وَأكْثر توقيا وَأظْهر تدينا وَمُحَمّد بن إِسْحَاق أوسع علما وَكَذَلِكَ لَا أَقُول إِن سعد بن إِبْرَاهِيم يبلغ عِنْدِي مبلغ التّرْك وَلَكِنِّي أهاب من حَدِيثه مثل مَا ذكرته وَلَا يحْتَمل عِنْدِي الِانْفِرَاد بِهِ فَإِن كَانَ مَالك وَأهل الْمَدِينَة تركُوا الْأَخْذ عَنهُ لِأَنَّهُ لم يكن عِنْدهم من أهل هَذَا الشَّأْن فَهُوَ الَّذِي ذهبت إِلَيْهِ من حَاله وَالَّذِي ظهر إِلَيّ من قلَّة حَدِيثه مَعَ مَا فِيهِ مِمَّا لَا يحْتَملهُ مثله كالحديث الَّذِي ذكرته فَلَا أرى الِاحْتِجَاج بِهِ وَإِن كَانَ أهل الْمَدِينَة تَرَكُوهُ لطعنه