للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: هَذَا الحَدِيث جعله الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب، وَمِنْهُم الْبَيْهَقِيّ فِي كتبه مَنْسُوخا؛ ذكره فِي «سنَنه» و «خلافياته» و «مَعْرفَته» ، وَأَنه كَانَ حِين كَانَت الْعقُوبَة بِالْمَالِ، قَالَ فِي «سنَنه» : وَقد كَانَ تضعف الغرامة عَلَى من سرق فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام، ثمَّ صَار مَنْسُوخا. وَاسْتدلَّ الشَّافِعِي عَلَى نسخه بِحَدِيث الْبَراء بن عَازِب فِيمَا أفسدت نَاقَته، فَلم ينْقل عَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي تِلْكَ الْقِصَّة أَنه أَضْعَف الغرامة، بل نقل فِيهَا حكمه بِالضَّمَانِ فَقَط، فَيحْتَمل أَن يكون هَذَا من ذَلِك.

وضعَّفَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» القَوْل بذلك فَقَالَ: أجَاب الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» - قلت: و «السّنَن» و «الخلافيات» - عَن حَدِيث بهز بِأَنَّهُ مَنْسُوخ. قَالَ: و (هَذَا) الْجَواب ضَعِيف من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن مَا ادعوهُ من كَون الْعقُوبَة كَانَت بالأموال فِي أول الْإِسْلَام لَيْسَ بِثَابِت وَلَا مَعْرُوف.

وَالثَّانِي: أَن النّسخ إِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ إِذا علم التَّارِيخ، وَلَيْسَ هُنَا علم بذلك.

قَالَ: وَالْجَوَاب الصَّحِيح تَضْعِيف الحَدِيث كَمَا قَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ - رَحمهَا الله تَعَالَى - هَذَا آخر كَلَامه. وَالظَّاهِر حسن الحَدِيث، (فَلهَذَا) احْتج بِهِ (الْأَكْثَرُونَ) كَمَا سلف، وَقد قَالَ هُوَ فِي كِتَابه «تَهْذِيب الْأَسْمَاء» : إِن يَحْيَى بن معِين وَالْجُمْهُور وثقوه

<<  <  ج: ص:  >  >>