بذلها الطَّعَام، وَمَا يدْخلهُ عَلَيْهَا لَا غير. وأوضح ابْن نَاصِر الْحَافِظ ذَلِكَ فِي جُزْء لَهُ مُفْرد وصوبَ هَذَا القَوْل وَخطأ الأول. وَنقل الْمُنْذِرِيّ عَن الإِمَام أَحْمد أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ تُعطي من مَاله. فَقيل لَهُ: إِن أَبَا عبيد يَقُول: من الْفُجُور. فَقَالَ: لَيْسَ عندنَا إِلَّا أَنَّهَا تُعْطِي من مَاله، وَلم يكن عَلَيْهِ السَّلَام يَأْمر أَن يمْسِكهَا وَهِي تفجر. وَمَا حَكَاهُ عَن أبي عبيد خَالفه فِيهِ الْحَافِظ ابْن نَاصِر فَإِنَّهُ حَكَى عَنهُ أَنه قَالَ: إِنَّه من التبذير.
قَالَ: وَكَذَا ذكر غَيره من عُلَمَاء الْإِسْلَام، وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين: مَعْنَاهُ: أمْسكهَا عَن الزِّنَا إِمَّا بمراقبتها وَإِمَّا بِكَثْرَة جِمَاعهَا. وَهُوَ حسن بَالغ.
تَنْبِيه: هَذَا الحَدِيث احْتج بِهِ الرَّافِعِيّ عَلَى أَن الزَّوْج إِذا تَيَقّن زنا زَوجته أَو ظَنّه ظنًّا مؤكدًا وَلم يكن ثمَّ ولد أَنه لَا يجب عَلَيْهِ الْقَذْف، بل يجوز أَن يستر عَلَيْهَا ويفارقها بِغَيْر طَرِيق اللّعان، وَلَو أمْسكهَا لم يحرم. وَفِيه مُوَافقَة القَوْل الأول أَن المُرَاد بِهِ الْفُجُور، وَلَكِن فِيهِ مُخَالفَة لما ذكر الْحَافِظ ابْن نَاصِر فَإِنَّهُ ذكر لروايته لهَذَا الحَدِيث أَن لَهُ مِنْهَا ولد فَإِنَّهُ قَالَ: «شكى هَذَا الرجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - (أَنَّهَا) (تعري) طَعَامه، وتمره، ولبنه، وَأَنَّهَا تعطيه للسؤال، وَأَنَّهَا لَا تبقي فِي بَيت زَوجهَا شَيْئا من الطَّعَام، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: طَلقهَا. قَالَ: إِنِّي أحبها ولي مِنْهَا ولد. فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: فاستمتع بهَا» . ثمَّ (نَفَى) (بعد ذَلِكَ أَن يُعْطين من أبيتهن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute