وَذكر فِيهِ أَيْضا الْأَثر الَّذِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الرّبيع عَن الشَّافِعِي قَالَ: هَذَا قَول حكام المكيين ومفتيهم - يَعْنِي التَّغْلِيظ بِالْمَكَانِ - وَمن حجتهم فِيهِ مَعَ إِجْمَاعهم أَن مُسلما والقداح أخبراني عَن ابْن جريج عَن عِكْرِمَة بن «خَالِد أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَأَى قوما يحلفُونَ بَين الْمقَام وَالْبَيْت، فَقَالَ: أَعلَى دم؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فعلَى عَظِيم من الْأَمْوَال؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: خشيت أَن يبهأ النَّاس بِهَذَا الْمقَام» . قَالَ الشَّافِعِي: فَذَهَبُوا إِلَى أَن الْعَظِيم من الْأَمْوَال مَا وصفت من عشْرين دِينَارا فَصَاعِدا. قَالَ: وَقَالَ مَالك يحلف عَلَى الْمِنْبَر عَلَى ربع دِينَار. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: قَوْله «يبهأ النَّاس يَعْنِي يأنسوا بِهِ فتذهب هيبته من قُلُوبهم. قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال بهأت بالشَّيْء إِذا آنست بِهِ. وأعل هَذَا الْأَثر أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَقَالَ فِي «محلاه» : الرِّوَايَة عَن عبد الرَّحْمَن سَاقِطَة لَا يُدْرَى لَهَا أصل وَلَا مخرج، ثمَّ لَو صحت لم يحد عبد الرَّحْمَن فِي كثير المَال مَا حد مَالك وَالشَّافِعِيّ، وَمَا نعلم أحدا سبقهما إِلَى ذَلِك. وَوَقع بدل [يبهأ] يتهاون وَتَبعهُ ابْن الرّفْعَة فِي كِتَابيه وَلم أَقف عَلَى شَيْء عَلَى من خرجها بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، ثمَّ فسره الرَّافِعِيّ بِمَا فسر بِهِ الْبَيْهَقِيّ، وَقَالَ قبل إِيرَاده لَهُ: وَأما الْأَمْوَال يتَحَرَّى التَّغْلِيظ فِي كثيرها دون قليلها عَلَى مَا ورد فِي الْآثَار.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute